{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } أي جاء بعدهم عقب سوء فإن المشهور في الخلف ساكن اللام ذلك والمشهور في مفتوح اللام ضده ، وقال أبو حاتم : الخلف بالسكون الأولاد الجمع والواحد فيه سواء وبالفتح البدل ولداً كان أو غيره ، وقال النضر بن شميل : الخلف بالتحريك والإسكان القرن السوء أما الصالح فالتحريك لا غير ، وقال ابن جرير : أكثر ما جاء في المدح بفتح اللام وفي الذم بتسكينها وقد يعكس ، وعلى استعمال المفتوح في الذم جاء قول لبيد :
ذهب الذين يعاش في أكنافهم *** وبقيت في خلف كجلد الأجرب
{ أضَاعُوا الصَّلاةَ } وقرأ عبد الله . والحسن . وأبو رزين العقيلي . والضحاك . وابن مقسم { الصلوات } بالجمع وهو ظاهر ، ولعل الأفراد للاتفاق في النوع ، وإضاعتها على ما روي عن ابن مسعود . والنخعي . والقاسم بن مخيمرة . ومجاهد . وإبراهيم . وعمر بن عبد العزيز تأخيرها عن وقتها ، وروى ذلك الإمامية عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه ، واختار الزجاج أن إضاعتها الاختلال بشروطها من الوقت وغيره ، وقيل : إقامتها في غير جماعة ، وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي أن إضاعتها تركها ، وقيل : عدم اعتقاد وجوبها ، وعلى هذا الآية في الكفار وعلى ما قبله لا قطع ، واستظهر أنها عليه في قوم مسلمين بناءً على أن الكفار غير مكلفين بالفروع إلا أن يقال : المراد أن من شأنهم ذلك فتدبر ، وعلى ما قبلهما في قوم مسلمين قولاً واحداً .
والمشهور عن ابن عباس . ومقاتل أنها في اليهود ، وعن السدي أنها فيهم وفي النصارى ، واختير كونها في الكفرة مطلقاً لما سيأتي إن شاء الله تعالى قريباً وعليه بنى حسن موقع حكاية قول جبريل عليه السلام الآتي ، وكونها في قوم مسلمين من هذه الأمة مروى عن مجاهد . وقتادة . وعطاء . وغيرهم قالوا : إنهم يأتون عند ذهاب الصالحين يتبادرون بالزنا ينزو بعضهم على بعض في الأزقة كالأنعام لا يستحيون من الناس ولا يخافون من الله تعالى : { واتبعوا الشهوات } وانهمكوا في المعاصي المختلفة الأنواع ، وفي «البحر » { الشهوات } عام في كل مشتهى يشغل عن الصلاة وعن ذكر الله تعالى ، وعد بعضهم من ذلك نكاح الأخت من الأب وهو على القول بأن الآية فيما يعم اليهود لأن من مذهبهم فيما قيل ذلك وليس بحق . والذي صح عنهم أنهم يجوزون نكاح بنت الأخ وبنت الأخت ونحوهما ، وعن علي كرم الله تعالى وجهه من بني المشيد وركب المنظور ولبس المشهور { فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً } أخرج ابن جرير . والطبراني . وغيرهما من حديث أبي أمامة مرفوعاً أنه نهر في أسفل جهنم يسيل فيه صديد أهل النار وفيه لو أن صخرة زنة عشر عشراوات قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفاً ثم تنتهي إلى غي وأثام ، ويعلم منه سر التعبير بسوف يلقون .
/ وأخرج جماعة من طرق عن ابن مسعود أنه قال : الغي نهر أو واد في جهنم من قيح بعيد القعر خبيث الطعم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات ، وحكى الكرماني أنه آبار في جهنم يسيل إليها الصديد والقيح .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أن الغي السوء ، ومن ذلك قول مرقش الأصغر :
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره *** ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً
وعن ابن زيد أنه الضلال وهو المعنى المشهور ، وعليه قيل المراد جزاء غي . وروي ذلك عن الضحاك واختاره الزجاج ، وقيل : المراد غياً عن طريق الجنة . وقرئ فيما حكى الأخفش { يُلْقُون } بضم الياء وفتح اللام وشد القاف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.