الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا} (59)

أخرج ابن أبي حاتم ، عن السدي في قوله : { فخلف من بعدهم خلف } قال : هم اليهود والنصارى .

وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد { فخلف من بعدهم خلف } قال : من هذه الأمة يتراكبون في الطرق ، كما تراكب الأنعام لا يستحيون من الناس ، ولا يخافون من الله في السماء .

وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد في قوله : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة } قال : عند قيام الساعة - ذهاب صالح أمة محمد - ينزو بعضهم إلى بعض في الأزقة زناة .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن محمد بن كعب القرظي في قوله : { أضاعوا الصلاة } يقول : تركوا الصلاة .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود في قوله : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة } قال : ليس إضاعتها تركها قد يضيع الإنسان الشيء ولا يتركه ، ولكن إضاعتها إذا لم يصلها لوقتها .

وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم في قوله : { أضاعوا الصلاة } قال : صلوها لغير وقتها .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن القاسم بن مخيمرة في قوله : { أضاعوا الصلاة } قال : أخروا الصلاة عن ميقاتها ولو تركوها كفروا .

وأخرج ابن أبي حاتم والخطيب في المتفق والمفترق ، عن عمر بن عبد العزيز في قوله : { أضاعوا الصلاة } قال : لم يكن إضاعتهم تركها ولكن أضاعوا المواقيت .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن كعب قال : والله إني لأجد صفة المنافقين في التوراة : شرابين للقهوات : تباعين للشهوات ، لعانين للكعبات ، رقادين عن العتمات ، مفرطين في الغدوات ، تراكين للصلوات تراكين للجمعات ، ثم تلا هذه الآية { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات } .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن الأشعث قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام أن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عني محجوبة .

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : اغتسلت أنا وآخر ، فرآنا عمر بن الخطاب ، وأحدنا ينظر إلى صاحبه ، فقال : إني لأخشى أن تكونا من الخلف الذين قال الله فيهم : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً } .

وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان ، عن أبي سعيد الخدري : «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتلا هذه الآية { فخلف من بعدهم خلف } فقال : يكون خلف من عبد ستين سنة { أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } ثم يكون خَلَفٌ : يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم ، ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن ومنافق وفاجر » .

وأخرج أحمد والحاكم وصححه ، عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : «سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللين » قلت يا رسول الله ، ما أهل اللين ؟ قال : قوم يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات » .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه ، عن عائشة أنها كانت ترسل بالصدقة لأهل الصدقة وتقول : لا تعطوا منها بربرياً ، ولا بربرية ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «هم الخلف الذين قال الله : { فخلف من بعدهم خلف } » .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يكون في أمتي من يقتل على الغضب ، ويرتشي في الحكم ، ويضيع الصلوات ، ويتبع الشهوات ، ولا تردّ له راية » قيل : يا رسول الله ، أمؤمنون هم ؟ قال : بالإيمان يقرؤون » .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : { فسوف يلقون غياً } قال : خسراً .

وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث من طرق ، عن ابن مسعود في قوله : { فسوف يلقون غياً } قال : الغي نهر أو واد في جهنم من قيح بعيد القعر خبيث الطعم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات .

وأخرج ابن المنذر والبيهقي في البعث ، عن البراء بن عازب في الآية قال : الغي ، واد في جهنم بعيد القعر منتن الريح .

وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لو أن صخرة زنة عشر أواق قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفاً ثم تنتهي إلى غي وأثام ، قلت : وما غي وأثام ؟ قال : نهران في أسفل جهنم يسيل فيها صديد أهل النار ، وهما اللذان ذكر الله في كتابه { فسوف يلقون غياً } { ومن يفعل ذلك يلق أثاماً } [ الفرقان : 68 ] » .

وأخرج ابن مردويه من طريق نهشل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الغي واد في جهنم » .

وأخرج البخاري في تاريخه ، عن عائشة في قوله : { غياً } قالت : نهر في جهنم .

وأخرج ابن المنذر ، عن شقي بن ماتع قال : إن في جهنم وادياً يسمى { غياً } يسيل دماً وقيحاً ، فهو لمن خلق له .

59