{ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ( 59 ) إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا ( 60 ) جنات عدن التي وعد الرحمان عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا ( 61 ) لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ( 62 ) تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ( 63 ) وما نتنزل إلا بأمر ربك له مابين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا ( 64 ) } .
{ فخلف } أي وجد وحدث { من بعدهم } أي من بعد النبيين المذكورين { خلف } أي عقب سوء . قال أهل اللغة : يقال لعقب الخير والصدق خلف بفتح اللام ، ولعقب الشر والسوء خلف بسكون اللام ، وقد قدمنا الكلام على هذا في آخر الأعراف .
{ أضاعوا الصلاة } أي أخروها عن وقتها ، قاله الأكثر ، وهو أن لا يصلي الظهر حتى يأتي العصر ولا العصر حتى يأتي المغرب ، وقيل أضاعوا الوقت ، وقيل كفروا بها وجحدوا وجوبها ، وقيل لم يأتوا بها على الوجه المشروع . وقيل تركوها كاليهود والنصارى ، والظاهر أن من أخر الصلاة عن وقتها أو ترك فرضا من فروضها أو شرطا من شروطها أو ركنا من أركانها فقد أضاعها ، ويدخل تحت الإضاعة من تركها بالمرة أو جحدها دخولا أوليا .
واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية ، فقيل في اليهود وقيل في النصارى وقيل في قوم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يأتون في آخر الزمان . وقال بالأولين السدي . وقال بالثالث مجاهد ، ولفظه هم من هذه الأمة يتراكبون في الطرق كما تراكب الأنعام لا يستحيون من الناس ولا يخافون من الله في السماء ، وعن ابن مسعود قال : ليس إضاعتها تركها ، قد يضيع الإنسان الشيء ولا يتركه . ولكن إضاعتها إذا لم يصلها لوقتها .
{ واتبعوا الشهوات } أي فعلوا ما تشتهيه أنفسهم وترغب إليه من المحرمات كشرب الخمر والزنا { فسوف يلقون غيا } هو الشر عند أهل اللغة كما أن الخير هو الرشاد . والمعنى أنهم سيلقون شرا لا خيرا .
وقيل الغي الضلال . وقيل الخيبة وقيل الخسران وقيل الهلاك وقيل العذاب وقيل هو اسم واد في جهنم تستعيذ من حره أوديتها أعد للزناة وشربة الخمر وشهاد الزور وأكلة الربا والعاقين لوالديهم .
وقيل في الكلام حذف . والتقدير سيلقون جزاء الغي . قاله الزجاج . ومثله قوله سبحانه : يلق آثاما . أي جزاء آثام .
أخرج أحمد وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي وغيرهم ، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلا هذه الآية قال : يكون خلف من بعد ستين سنة ؛ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، فسوف يلقون غيا ، ثم يكون خلف يقرئون القرآن لا يعدوا تراقيهم ، ويقرأ القرآن ثلاثة ؛ مؤمن ومنافق وفاجر{[1167]} . .
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللبن قلت : يا رسول الله ما أهل الكتاب ؟ قال قوم يتعلمون الكتب يجادلون به الذين آمنوا ، قلت : وما أهل اللبن ؟ قال قوم يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات{[1168]} .
وعن عائشة أنها كانت ترسل بالصدقة لأهل الصدقة وتقول : لا تعطوا منها بربريا ، ولا بربرية ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هم الخلف الذين قال الله فخلف من بعدهم خلف{[1169]} ، أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه .
وعن ابن مسعود قال : الغي نهر أو واد في جهنم من قيح بعيد القعر خبيث الطعم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات ، وقد قال بأنه واد في جهنم ، البراء بن عازب ، وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن صخرة زنة عشر أواق قذف بها من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفا ، ثم ينتهي إلى غي ، وآثام ؛ قلت : وما غي ؟ وآثام ؟ قال نهران في أسفل جهنم يسيل فيهما صديد أهل النار ، وهما اللذان ذكر الله في كتابه فسوف يلقون غيا ، ومن يفعل ذلك يلق آثاما .
وأخرج ابن مردويه ؛عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : الغي واد في جهنم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.