الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا} (59)

وقوله تعالى : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } [ مريم : 59 ] .

الخَلْفُ ، [ بسكون ] اللام مُسْتعمل إذا كان الآتي مَذْمُوماً هذا مشهورُ كَلامِ العَرَبِ ، والمرادُ بالخلْف : مَنْ كفر وعَصَى بعدُ مِنْ بني إسرائيل ، ثم يتناول معنى الآية مَنْ سِوَاهُم إلَى يوم القيامة ، وإضاعة الصَّلاَةِ يكون بترْكِهَا وبجحْدِها ، وبإضاعة أَوْقَاتِهَا ، وروى أَبُو دَاوُدَ الطيالسي «في مسنده » بسنده عن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ قال : قال رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم : ( إذا أَحْسَنَ الرَّجُلُ الصَّلاَةَ ، فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا ، وَسُجُودَهَا ، قَالَتِ الصَّلاَةُ : حَفِظَكَ اللّهُ كَمَا حَفِظْتَنِي ، وَتُرْفَعُ ، وإذَا أَسَاءَ الصَّلاَةَ فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهَا ، وَلاَ سُجُودَهَا ، قَالَتِ الصَّلاَةُ : ضَيَّعَكَ اللّهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي ، وَتُلَفُّ كَمَا يُلَفُّ الثَّوْبُ الخَلقُ ، فَيُضْرَبُ بِهَا وَجْهُهُ ) انتهى من «التذكرة » . والشَّهَوَاتُ : عُمُومُ ، والغَيُّ : الخُسْران ، قاله ابنُ زيد .

وقد يكُونُ الغي بمعنى الضَّلاَلِ ، والتقديرُ : يُلْقون جَزَاءَ الغَيِّ ، وقال عبدُ اللّه بن عمرو ، وابنُ مسعودٍ : الغَيُّ : وَادٍ في جَهنَّم ، وبه وَقَعَ التوعُّدُ في هذه الآية .

وقال ( ص ) : الغي عندهم كُلُّ شرّ كما أن الرشاد كلُّ خيرٍ . [ انتهى ] .