التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَـٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (102)

قوله : { فلما بلغ معه السعي } أي العمل . وقيل : المشي ، والمراد : أنه بلغ مع أبيه المبلغ الذي يسعى معه في أمور دنياه معينا له على أعماله ، أو أنه كبر وترعرع وصار يذهب مع أبيه .

قوله : { قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى } رأى إبراهيم في منامه أنه مأمور بذبح ولده إسماعيل ؛ وذلكم ضرب من ضروب الوحي فقد كانت الرسل يأتيهم الوحي من الله تعالى إيقاظا ورقودا ؛ فإن الأنبياء لا تنام قلوبهم وإن كانت تنام أعينهم . قال ابن عباس : رؤيا الأنبياء وحي ، واستدل بهذه الآية . وقد أعلم إبراهيم ابنه إسماعيل بذلك ؛ ليكون أهون عليه وليختبر صبره وجلده وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى . فبادر الولد الكريم المبرور ، للإجابة بالطاعة دون تردد أو تلعثم وهو قوله : { يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ } أي امض لما أمرك الله من ذبحي { سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله جل وعلا . كذلك كان جواب إسماعيل . هذا التقي الزكي المختار ، الذي فاق ببالغ عزمه وعظيم إرادته وروعة طبعه المفضال كل آفاق الذهن والخيال فكان مثالا لا يبلغه إلا الرفّافون الأبرار من النبيين الأخيار والصِّدِّيقين الأطهار وحَسْب . صلى الله على إسماعيل وأبيه وسائر النبيين والمرسلين صلاة وسلاما إلى يوم البعث والدين .