النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ قَالَ يَٰبُنَيَّ إِنِّيٓ أَرَىٰ فِي ٱلۡمَنَامِ أَنِّيٓ أَذۡبَحُكَ فَٱنظُرۡ مَاذَا تَرَىٰۚ قَالَ يَـٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُۖ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (102)

قوله عز وجل : { فلما بلغ معه السعي } فيه أربعة أوجه :

أحدها : يمشي مع أبيه ، قاله قتادة .

الثاني : أدرك معه العمل ، قاله عكرمة .

الثالث : أنه سعي العمل الذي تقوم به الحجة ، قاله الحسن .

الرابع : أنه السعي في العبادة ، قاله ابن زيد .

قال ابن عباس : صام وصلى ، ألم تسمع الله يقول

{ وسعى لها سعيها }

[ الإسراء : 19 ] قال الفراء والكلبي : وكان يومئذٍ ابن ثلاث عشرة سنة .

{ قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحُك } فروى سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

" رؤيا الأنبياء في المنام وحي{[2359]} " .

{ فانظُرْ ماذا تَرَى } لم يقل له ذلك على وجه المؤامرة في أمر الله سبحانه ، وفيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه قاله إخباراً بما أمره الله تعالى به ليكون أطوع له .

الثاني : أنه قاله امتحاناً لصبره على أمر الله تعالى .

الثالث : أي ماذا تريني من صبرك أو جزعك ، قاله الفراء .

{ قال يا أبت افْعَلْ ما تؤمرُ } الآية . فيه{[2360]} وجهان :

أحدهما : على الذبح ، قاله مقاتل .

الثاني : على القضاء ، حكاه الكلبي ، فوجده في الامتحان صادق الطاعة سريع الإجابة ، قوي الدين .


[2359]:رواه البخاري 1/ 21 و 27، ومسلم رقم 160 إيمان، والترمذي مناقب.
[2360]:أي فيما سيصبر عليه إسماعيل عليه السلام.