المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (5)

{ الذين حملوا التوراة } هم بنو إسرائيل الأحبار المعاصرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، و { حملوا } معناه : كلفوا القيام بأوامرها ونواهيها ، فهذا كمال حمل الإنسان الأمانة ، وليس ذلك من الحمل على الظهر ، وإن كان مشتقاً منه ، وذكر تعالى أنهم { لم يحملوها } ، أي لم يطيعوا أمرها ، ويقفوا عند حدها حين كذبوا بمحمد عليه الصلاة والسلام ، و { التوراة } تنطق بنبوته ، فكان كل حبر لم ينتفع بما حمل كمثل حمار عليه أسفار ، فهي عنده والزبل وغير ذلك بمنزلة واحدة ، وقرأ يحيى بن يعمر : «حَمَلوا » بفتح الحاء والميم مخففة ، وقرأ المأمون العباسي : «يُحَمَّل أسفاراً » بضم الياء وفتح الحاء وشد الميم مفتوحة ، وفي مصحف ابن مسعود : «كمثل حمار » بغير تعريف ، والسفر : الكتاب المجتمع الأوراق منضودة ، ثم بين حال مثلهم وفساده بقوله تعالى : { بئس مثل القوم } .