محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (5)

{ مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا } قال الزمخشري شبه اليهود في أنهم حملة التوراة وقراؤها وحفاظ ما فيها ثم إنهم غير عاملين بها ولا منتفعين بآياتها وذلك أن فيها نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم والبشارة به ولم يؤمنوا به بالحمار حمل أسفارا أي كتبا كبارا من كتب العلم فهو يمشي بها ولا يدري منها إلا ما يمر بجنبيه وظهره من الكد والتعب وكل من علم ولم يعمل فهذا مثله وبئس المثل { بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله } وهم اليهود الذين كذبوا بآيات الله الدالة على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومعنى { حملوا التوراة } كلفوا علمها والعمل بها ثم لم يحملوها ثم لم يعملوا بها فكأنهم لم يحملوها في الحقيقة لفقد العمل انتهى .

قال الإمام ابن القيم في ( أعلام الموقعين ) قاس من حمله سبحانه كتابه ليؤمن به ويتدبره ويعمل به ويدعو إليه ثم خالف ذلك ، ولم يحمله إلا على ظهر قلب فقراءته بغير تدبر ولا تفهم ولا اتباع له ولا تحكيم له وعمل بموجبه كحمار على ظهره زاملة أسفار لا يدري ما فيها وحظه منها حملها على ظهره ليس إلا فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره فهذا المثل وإن كان قد ضرب لليهود فهو متناول من حيث المعنى لمن حمل القرآن فترك العمل به ولم يرد حقه ولم يرعه حق رعايته انتهى .

{ والله لا يهدي القوم الظالمين } أي الذين ظلموا أنفسهم فكفروا بآيات ربهم .