قوله : { حُمِّلُواْ التَّوْرَاةَ } : هذه قراءةُ العامَّةِ . وقرأ زيد بن علي ويحيى بن يعمر " حَمَلوا " مخففاً مبنياً للفاعل .
قوله { كَمَثَلِ الْحِمَارِ } هذه قراءةُ العامَّةِ . وقرأ عبدُ الله " حِمارٍ " منكَّراً . وهو في قوة قراءةِ الباقين ؛ لأنَّ المراد بالحمارِ الجنسُ . ولهذا وُصِفَ بالجملةِ بعده كما سيأتي . وقرأ المأمون ابن هارون الرشيد " يُحَمَّلُ " مشدَّداً مبنياً للمفعول . والجملة مِنْ " يَحْمِلُ " أو " يُحْمَّلُ " فيها وجهان ، أحدُهما : وهو المشهورُ أنَّها في موضع الحال من " الحمار " والثاني : أنَّها في موضع الصفةِ للحمار لجريانِه مَجْرى النكرة ؛ إذ المُرادِ به الجنسُ . قال الزمخشري : " أو الجرِّ على الوصفِ ؛ لأنَّ الحمارَ كاللئيمِ في قوله :
ولَقد أَمُرُّ على اللئيمِ يَسُبُّني *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقد تقدَّم تحريرُ هذا ، وأنَّ منه عند بعضِهم
{ وَآيَةٌ لَّهُمُ الْلَّيْلُ نَسْلَخُ } [ يس : 37 ] وأنَّ " نَسْلَخُ " نعتٌ ل الليل . والجمهورُ يَجْعَلونه حالاً للتعريف اللفظي . وأمَّا على قراءةِ عبد الله فالجملةُ وصفٌ فقط ، ولا يمتنعُ أَنْ تكونَ حالاً عند سيبويه .
والأَسْفار : جمعُ سِفْرٍ ، وهو الكتابُ المجتمعُ الأوراقِ .
قوله { بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ } فيه أوجهٌ ، أحدها : وهو الظاهرُ المشهور أنَّ " مَثَلُ القوم " فاعلُ " بِئْس " . والمخصوصُ بالذَّمِّ الموصولُ بعده فَيُشْكِلُ ؛ لأنه/ لا بُدَّ مِنْ تصادُقِ فاعلِ نِعْم وبِئْسَ والمخصوصِ ، وهنا المَثَلُ ليس القومَ المكذِّبين . والجواب : أنَّه على حَذْفِ مضافٍ ، أي : بِئْسَ مَثَلُ القومِ مَثَلُ الذين كَذَّبوا . الثاني : أنَّ " الذين " صفةٌ للقوم فيكونُ مجرورَ المحلِّ ، والمخصوصُ بالذمِّ محذوفٌ لِفَهْمِ المعنى تقديره : بِئْس مَثَلُ القومِ المكذِّبين مَثَلُ هؤلاء ، وهو قريبٌ من الأولِ . الثالث : أنَّ الفاعلَ محذوفٌ ، وأنَّ مَثَلَ القومِ هو المخصوصُ بالذِّم ، تقديرُه : بِئْسَ المَثَلُ مَثَلُ القوم ، ويكونُ الموصولُ نعتاً للقوم أيضاً ، وإليه يَنْحو كلامُ ابنِ عطيةً ، فإنه قال : " والتقديرُ : بِئْسَ المَثَلُ مَثَلُ القومِ . وهذا فاسدٌ ؛ لأنَّه لا يُحْذَفُ الفاعلُ عند البَصْريين ، إلاَّ في مواضعَ ثلاثةٍ ، ليس هذا منها ، اللهم إلاَّ أَنْ يقولَ بقولِ الكوفيين . الرابع : أَنْ يكونَ التمييزُ محذوفاً ، والفاعل المُفَسَّرُ به مستترٌ تقديرُه : بئس مَثَلاً مَثَلُ القوم ، وإليه يَنْحو كلامُ الزمخشريِّ فإنه قال : " بئْسَ مَثَلاً مَثَلُ القوم " فيكونُ الفاعلُ مستتراً ، مُفَسَّرٌ ب " مَثَلاً " ، و " مَثَلُ القومِ " هو المخصوصُ بالذمِّ والموصولُ صفةٌ له ، وحُذِفَ التمييزُ ، وهذا لا يُجيزه سيبويهِ وأصحابُه البتةَ ، نَصُّوا على امتناعِ حَذْفِ التمييزِ ، وكيف يُحْذَفُ وهو مُبَيِّنٌ ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.