قوله تعالى : { والذين يتوفون منكم } . يا معشر الرجال .
قوله تعالى : { ويذرون } . أي يتركون .
قوله تعالى : { أزواجاً } . أي زوجات .
قوله تعالى : { وصية لأزواجهم } . قرأ أهل البصرة وابن عامر وحمزة وحفص وصية بالنصب على معنى " فليوصوا وصية " ، وقرا الباقون بالرفع ، أي كتب عليكم الوصية .
قوله تعالى : { متاعاً إلى الحول } . " متاعاً " نصب على المصدر أي متعوهن متاعاً ، وقيل : جعل الله ذلك لهن متاعاً ، والمتاع نفقة سنة لطعامها ، وكسوتها وسكنها وما تحتاج إليه .
قوله تعالى : { غير إخراج } . نصب على الحال ، وقيل بنزع حرف على الصفة ، أي من غير إخراج ، نزلت هذه الآية في رجل من أهل الطائف يقال له حكيم بن الحارث ، هاجر إلى المدينة وله أولاد ومعه أبواه وامرأته فمات ، فأنزل الله هذه الآية فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم والديه وأولاده من ميراثه ، ولم يؤت امرأته شيئاً ، وأمرهم أن ينفقوا عليها من تركة زوجها حولاً كاملاً ، وكانت عدة الوفاة في ابتداء الإسلام حولاً كاملا ، وكان يحرم على الوارث إخراجها من البيت قبل تمام الحول ، وكانت نفقتها وسكنها واجبة في مال زوجها تلك السنة ما لم تخرج ، ولم يكن لها الميراث ، فإن خرجت من بيت زوجها سقطت نفقتها ، وكان على الرجل أن يوصي بها فكان كذلك حتى نزلت آية الميراث ، فنسخ الله تعالى نفقة الحول بالربع والثمن ، ونسخ عدة الحول بأربعة أشهر وعشر .
قوله تعالى : { فإن خرجن } . يعني من قبل أنفسهن قبل الحول من غير إخراج الورثة .
قوله تعالى : { فلا جناح عليكم } . يا أولياء الميت .
قوله تعالى : { في ما فعلن في أنفسهن من معروف } . يعني التزين للنكاح ، وارفع الجناح عن الرجال وجهان : أحدهما : لا جناح عليكم في قطع النفقة إذا خرجن قبل انقضاء الحول . والآخر : لا جناح عليكم في ترك منعهن من الخروج لأن مقامها في بيت زوجها حولا غير واجب عليها ، خيرها الله تعالى بين أن تقيم حولاً ولها النفقة والسكنى ، وبين أن تخرج فلا نفقة ولا سكنى إلى أن نسخه بأربعة أشهر وعشر .
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( 240 )
{ الذين } رفع بالابتداء ، والخبر في الجملة التي هي «وصية لأزواجهم » ، وقرأ ابن كثير ونافع والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر «وصيةٌ » بالرفع ، وذلك على وجهين : أحدهما الابتداء والخبر في الظرف الذي هو قوله { لأزواجهم } ، ويحسن الابتداء بنكرة من حيث هو موضع تخصيص( {[2337]} ) كما حسن أن يرتفع «سلامٌ عليكم » ، وخير بين يديك ، وأمت في حجر لا فيك( {[2338]} ) ، لأنها مواضع دعاء ، والوجه الآخر أن تضمر له خبراً تقدره ، فعليهم وصية لأزواجهم ، ويكون قوله { لأزواجهم } صفة( {[2339]} ) . قال الطبري : «قال بعض النحاة : المعنى كتبت عليهم وصية » ، قال : «وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود » ، وقرأ أبو عمرو وحمزة وابن عامر «وصيةً » بالنصب ، وذلك حمل على الفعل كأنه قال : ليوصوا وصية ، و { لأزواجهم } على هذه القراءة صفة أيضاً ، قال هارون( {[2340]} ) : «وفي حرف أبي بن كعب » وصيةٌ لأزواجهم متاعٌ «بالرفع ، وفي حرف ابن مسعود » الوصية لأزواجهم متاعاً « ، وحكى الخفاف( {[2341]} )أن في حرف أبيّ » فمتاع لأزواجهم «بدل وصية .
ومعنى هذه الآية أن الرجل إذا مات كان لزوجته أن تقيم في منزله سنة وينفق عليها من ماله ، وذلك وصية لها ، واختلف العلماء ممن هي هذه الوصية ، فقالت فرقة : كانت وصية من الله تعالى تجب بعد وفاة الزوج ، قال قتادة : » كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها فلها السكنى والنفقة حولاً من مال زوجها ما لم تخرج برأيها ، ثم نسخ ما في هذه الآية من النفقة بالربع أو بالثمن الذي في سورة النساء ، ونسخ سكنى الحول بالأربعة الأشهر والعشر . وقال الربيع وابن عباس والضحاك وعطاء وابن زيد ، وقالت فرقة : بل هذه الوصية هي من الزوج ، كانوا ندبوا إلى أن يوصوا للزوجات بذلك ف { يتوفون } على هذا القول معناه يقاربون الوفاة ويحتضرون ، لأن الميت لا يوصي ، قال هذا القول قتادة أيضاً والسدي . وعليه حمل الآية أبو علي الفارسي في الحجة( {[2342]} ) ، قال السدي : » إلا أن العدة كانت أربعة أشهر وعشراً ، وكان الرجال يوصون بسكنى سنة ونفقتها ما لم تخرج . فلو خرجت بعد انقضاء العدة الأربعة الأشهر والعشر سقطت الوصية . ثم نسخ الله تعالى ذلك بنزول الفرائض . فأخذت ربعها أو ثمنها ، ولم يكن لها سكنى ولا نفقة وصارت الوصايا لمن لا يرث ، وقال الطبري عن مجاهد : إن هذه الآية محكمة لا نسخ فيها ، والعدة كانت قد ثبتت أربعة أشهر وعشراً ، ثم جعل الله لهن وصية ، منها سكنى سبعة أشهر وعشرين ليلة ، فإن شاءت المرأة سكنت في وصيتها وإن شاءت خرجت ، وهو قوله تعالى : { غير إخراج ، فإن خرجن فلا جناح عليكم } .
قال القاضي أبو محمد : وألفاظ مجاهد رحمه الله التي حكى عنها الطبري لا يلزم منها أن الآية محكمة ، ولا نص مجاهد ذلك ، بل يمكن أنه أراد ثم نسخ ذلك بعد بالميراث( {[2343]} ) .
و { متاعاً } نصب على المصدر( {[2344]} ) ، وكان هذا الأمر إلى الحول من حيث العام معلم من معالم الزمان قد أخذ بحظ من الطول ، وقوله تعالى : { غير إخراج } معناه ليس لأولياء الميت ووارثي المنزل إخراجها ، و { غير } نصب على المصدر عند الأخفش ، كأنه قال : لا إخراجاً ، وقيل : نصب على الحال من الموصين( {[2345]} ) . وقيل : هي صفة لقوله { متاعاً } ، وقوله تعالى : { فإن خرجن } الآية ، معناه أن الخروج إذا كان من قبل الزوجة فلا جناح على أحد ولي أو حاكم أو غيره فيما فعلن في أنفسهن من تزويج وترك حداد وتزين إذا كان ذلك من المعروف الذي لا ينكر ، وقوله تعالى : { والله عزيز } صفة تقتضي الوعيد بالنقمة لمن خالف الحد في هذه النازلة فأخرج المرأة وهي لا تريد الخروج . { حكيم } أي محكم لما يأمر به عباده ، وهذا كله قد زال حكمه بالنسخ المتفق عليه إلا ما قوَّله الطبري مجاهداً رحمه الله ، وفي ذلك نظر على الطبري رحمه الله( {[2346]} ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.