الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا وَصِيَّةٗ لِّأَزۡوَٰجِهِم مَّتَٰعًا إِلَى ٱلۡحَوۡلِ غَيۡرَ إِخۡرَاجٖۚ فَإِنۡ خَرَجۡنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِي مَا فَعَلۡنَ فِيٓ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعۡرُوفٖۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (240)

أخرج البخاري والبيهقي في سننه عن ابن الزبيرقال : قلت لعثمان بن عفان { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } قد نسختها الآية الأخرى ، فلم تكتبها أو تدعها ؟ قال : يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله { والذين يتوفون منكم . . . } الآية . قال : كان للمتوفى عنها زوجها نفقتها وسكناها في الدار سنة ، فنسختها آية المواريث فجعل لهن الربع والثمن مما ترك الزوج .

وأخرج ابن جرير عن عطاء في الآية قال : كان ميراث المرأة من زوجها أن تسكن إن شاءت من يوم يموت زوجها إلى الحول ، يقول { فإن خرجن فلا جناح عليكم } ثم نسخها ما فرض الله من الميراث .

وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج } قال : نسخ الله ذلك بآية الميراث ، بما فرض الله لهن من الربع والثمن ، ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا .

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي من طريق ابن سيرين عن ابن عباس . أنه قام يخطب الناس ، فقرأ لهم سورة البقرة ، فبين لهم منها فأتى على هذه الآية ( إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ) ( البقرة الآية 180 ) فقال : نسخت هذه ، ثم قرأ حتى أتى على هذه الآية { والذين يتوفون منكم } إلى قوله { غير إخراج } فقال : وهذه .

وأخرج الشافعي وعبد الرزاق عن جابر بن عبد الله قال : ليس للمتوفى عنها زوجها نفقة حسبها الميراث .

وأخرج أبو داود في ناسخه والنسائي عن عكرمة في قوله { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول } قال : نسخها ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) ( البقرة الآية 234 ) .

وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن زيد بن أسلم في قوله { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم } قال : كانت المرأة يوصى لها زوجا بنفقة سنة ما لم تخرج وتتزوج ، فنسخ ذلك بقوله ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) ( البقرة الآية 234 ) فنسخت هذه الآية الأخرى ، وفرض عليهن التربص أربعة أشهر وعشرا ، وفرض لهن الربع والثمن .

وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن زيد بن أسلم عن قتادة في الآية قال : كانت المرأة يوصي لها زوجا بالسكنى والنفقة ما لم تخرج وتتزوج ، ثم نسخ ذلك وفرض لها الربع إن لم يكن لزوجها ولد ، والثمن إن كان لزوجها ولد ، ونسخ هذه الآية قوله ( يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ) ( البقرة الآية 234 ) فنسخت هذه الآية الوصية إلى الحول .

وأخرج ابن راهويه في نفسيره عن مقاتل بن حيان " أن رجلا من أهل الطائف قدم المدينة وله أولاد رجال ونساء ومعه أبواه وامرأته ، فمات بالمدينة فرفع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأعطى الوالدين وأعطى أولاده بالمعروف ، ولم يعط امرأته شيئا غير أنهم أمروا أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول ، وفيه نزلت { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا . . . } الآية " .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف } قال : النكاح الحلال الطيب .