بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا وَصِيَّةٗ لِّأَزۡوَٰجِهِم مَّتَٰعًا إِلَى ٱلۡحَوۡلِ غَيۡرَ إِخۡرَاجٖۚ فَإِنۡ خَرَجۡنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِي مَا فَعَلۡنَ فِيٓ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعۡرُوفٖۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (240)

ثم قال عز وجل : { والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أزواجا } ، أي يموتون ويتركون نساءهم من بعدهم { وَصِيَّةً لاّزْوَاجِهِم } ، أي يوصون لنسائهم . قرأ ابن كثير ونافع والكسائي وأبو بكر عن عاصم «وَصِيَّةٌ » بالضم ، يعني عليهم وصية ؛ وقرأ الباقون : بالنصب ، يعني يوصون وصية لأزواجهم . { متاعا } ، أي نفقة وكسوة { إِلَى الحول غَيْرَ إِخْرَاجٍ } ، يقول : لا يخرجن من بيوت أزواجهن . وهذا في أول الشريعة كانت العدة حولاً وهكذا كان في الجاهلية . ألا ترى إلى قول لبيد :

وَهُمُ رَبِيعٌ لِلمُجَاوِرِ فِيهِم . . . وَالمُرْمِلاتِ إِذَا تَطَاوَلَ عَامُهَا

ثم نسخ ما زاد على الأربعة أشهر وعشراً ، ونسخت الوصية للأزواج بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ " ويقال : نسخ بآية الميراث . ثم قال تعالى : { فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ } ، يعني من الزينة يحتمل أنه أراد به الخروج بعد مضي السنة ، ويحتمل الخروج في السنة إذا خرجت بعذر في أمر لا بد لها منه . { والله عَزِيزٌ حَكُيمٌ } ؛ وقد ذكرناها .