معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبۡخَلُۖ وَمَن يَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا يَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِۦۚ وَٱللَّهُ ٱلۡغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُۚ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم} (38)

قوله تعالى : { ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله } يعني إخراج ما فرض الله عليكم ، { فمنكم من يبخل } بما فرض عليه من الزكاة ، { ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني } عن صدقاتكم وطاعتكم ، { وأنتم الفقراء } إليه وإلى ما عنده من الخير . { وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } بل يكونوا أمثل منكم وأطوع لله منكم . قال الكلبي : هم كندة والنخع ، وقال الحسن : هم العجم . وقال عكرمة : فارس والروم .

أخبرنا أبو بكر أحمد بن أبي نصر الكوفاتي ، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر ، حدثنا بن إسحاق النجبي المصري المعروف بابن النحاس ، أنبأنا أبو الطيب الحسن بن محمد الرياش ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا مسلم بن خالد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية : { وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم } قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا ؟ فضرب سلمان الفارسي ثم قال : هذا وقومه ، ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس " .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبۡخَلُۖ وَمَن يَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا يَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِۦۚ وَٱللَّهُ ٱلۡغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُۚ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم} (38)

{ ها أنتم هؤلاء } أي أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون وقوله : { تدعون لتنفقوا في سبيل الله } استئناف مقرر لذلك ، أو صلة ل { هؤلاء } على أنه بمعنى الذين وهو يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرهما . { فمنكم من يبخل } ناس يبخلون وهو كالدليل على الآية المتقدمة . { ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه } فإن نفع الإنفاق وضر البخل عائدان إليه ، والبخل يعدى بعن وعلى لتضمنه معنى الإمساك والتعدي فإنه إمساك عن مستحق . { والله الغني وأنتم الفقراء } فما يأمركم به فهو لاحتياجكم إليه فإن امتثلتم فلكم وإن توليتم فعليكم . { وإن تتولوا } عطف على { إن تومنوا } . { يستبدل قوما غيركم } يقم مقامكم قوما آخرين . { ثم لا يكونوا أمثالكم } في التولي والزهد في الإيمان ، وهم الفرس لأنه سئل عليه الصلاة والسلام عنه وكان سلمان إلى جنبه فضرب فخذه وقال : " هذا وقومه " : أو الأنصار أو اليمن أو الملائكة .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة محمد كان حقا على الله أن يسقيه من أنهار الجنة " .