محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبۡخَلُۖ وَمَن يَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا يَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِۦۚ وَٱللَّهُ ٱلۡغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُۚ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم} (38)

{ ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله } أي في جهاد أعدائه ، ونصرة دينه { فمنكم من يبخل } أي بالنفقة فيه . { ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه } أي يمسكه عنها . لأنه يحرمها الأجر ، ويكسبها الوزر { والله الغني } أي : عن كل ما سواه ، وكل شيء فقير إليه . ولهذا قال سبحانه { وأنتم الفقراء } أي بالذات إليه . فوصفه بالغني وصف لازم له ، ووصف الخلق بالفقر وصف لازم لهم ، لا ينفكون عنه ، أي وإذا كان كذلك ، فإنما حضكم في النفقة في سبيله ليكسبكم بذلك ، الجزيل من ثوابه . وليعلم أن سبيل الله يشمل كل ما فيه نفع وخير ، وفائدة وقربة ومثوبة . وإنما اقتصر المفسرون على الجهاد لأنه فرده الأشهر ، وجزئيّه الأهم ، وقت نزول الآيات ، وإلا فلا ينحصر فيه .

{ وإن تتولوا } أي عما جاءكم به محمد صلى الله عليه وسلم { يستبدل قوما غيركم } أي يهلككم ثم يأتي بقوم آخرين غيركم ، بدلا منكم ، يؤمنون به ، ويعملون بشرائعه .

{ ثم لا يكونوا أمثالكم } أي لا يبخلوا بما أمروا به من النفقة في سبيل الله ، ولا يضيعون شيئا من حدود دينهم ، ولكنهم يقومون بذلك كله ، على ما يؤمرون به .