الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبۡخَلُۖ وَمَن يَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا يَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِۦۚ وَٱللَّهُ ٱلۡغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُۚ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم} (38)

ثم قال : { ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله } [ 39 ] أي : أنتم أيها المؤمنون تدعون/ أي{[63702]} لتنفقوا في سبيل الله/ ، فمنكم{[63703]} من يبخل بإخراج النفقة في سبيل الله ، ومن يبخل بالنفقة في سبيل الله فإنما يبخل عن نفسه ، لأنه يمنعها الأجر العظيم والثواب الجزيل فبخله عليها{[63704]} راجع .

ثم قال : { والله الغني وأنتم الفقراء } أي : لا حاجة به إلى أموالكم لأنه غني عنها وإنما يختبركم ليعلم الطائع من العاصي ، ليجازي{[63705]} كلا بعمله ، وأنتم أيها الخلق الفقراء إلى الله .

ثم قال : { وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم } أي : وإن تعرضوا أيها الناس عن ما{[63706]} جاءكم به محمد فترتدوا ، يستبدل قول غيركم أي : يهلككم ثم يجيء بقوم آخرين بدلا{[63707]} منكم يعملون ما يؤمرون به .

{ ثم لا يكونوا أمثالكم } أي : لا يبخلوا بأموالهم عن النفقة في سبيل الله ولا يضيعوا شيئا من حدود [ الله ]{[63708]} .

" وروي أنه لما نزلت هذه الآية كان سلمان{[63709]} إلى{[63710]} جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من هؤلاء القوم ، إن تولينا{[63711]} يستبدلوا بنا ؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم{[63712]} على منكب سلمان{[63713]} فقال ، هذا وقومه{[63714]} ، والذي نفسي بيده لو أن الدين معلق بالثريا لنالته رجال من أهل فارس " {[63715]} .

وقيل : هم أهل اليمن{[63716]} .

وقيل : هم الملائكة ، وهو بعيد{[63717]} لأنه لا يقال للملائكة قوم{[63718]} .

وقيل المعنى إن تولى{[63719]} أهل مكة عن الإيمان والجهاد استبدل الله بهم أهل المدينة{[63720]} .


[63702]:ع : "إلى أن تنفقوا".
[63703]:ح: "منكم".
[63704]:ع: "عليه".
[63705]:ع : "فيجازي".
[63706]:ع: "عما".
[63707]:ح: "يريد لا": و هو تحريف.
[63708]:ساقط من ح.
[63709]:ح: "سليمان" وهو تحريف.
[63710]:سلمان الفارسي، صحابي من مقدميهم، كان قوي الجسم، صحيح الرأي، عالما بالشرائع وغيرها، هو الذي دل المسلمين على حفر الخندق في غزوة الأحزاب حتى اختلف عليه المهاجرون والأنصار، جعل أميرا على المدائن روى عنه أنس وكعب بن عجرة وابن عباس وأبو سعيد وغيرهم من الصحابة، توفي سنة 36 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 4/75، وحلية الأولياء 1/185، وصفة الصفوة 1/523، والإصابة 2/62، وكنز العمال 13/421، وتاريخ بغداد 1/163-171.
[63711]:ع: "الذين إن تولينا".
[63712]:ساقط من ع.
[63713]:ح: "سليمان".
[63714]:ع: "قومي" وهو تحريف.
[63715]:أخرجه الترمذي في كتاب التفسير – سورة محمد 5/60 (رقم 3314)، والبغوي في شرح السنة – كتاب: فضائل الصحابة – باب: مناقب سلمان الفارسي أبي عبد الله الخير رضي الله عنه 14/200. وانظر: جامع البيان 26/42، وزاد المسير 7/415، وابن كثير 4/183، والدر المنثور 7/258.
[63716]:انظر : جامع البيان 26/42، تفسير الخازن وبهامشه معالم التنزيل 6/186، وتفسير القرطبي 16/258.
[63717]:ع : "يعبد": وهو تحريف.
[63718]:انظر: تفسير القرطبي 16/258.
[63719]:ح : "أي تولوا": وهو تحريف.
[63720]:انظر: زاد المسير 7/417.