السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبۡخَلُۖ وَمَن يَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا يَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِۦۚ وَٱللَّهُ ٱلۡغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُۚ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم} (38)

{ ها أنتم } وحقر أمرهم بقوله تعالى : { هؤلاء } أي : أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون ، وقوله تعالى { تدعون لتنفقوا في سبيل الله } أي : الملك الأعظم الذي يرجى خيره ولا يخشى غيره استئناف مقرّر لذلك أو صلة لهؤلاء على أنه بمعنى الذين وهو يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرها { فمنكم من يبخل } أي : ناس يبخلون ، وحذف القسم الآخر وهو ومنكم من يجود ، لأنّ المراد الاستدلال على ما قبله من البخل ولما كان بخله عمن أعطاه المال بجزء يسير منه إنما طلبه لينفع المطلوب منه فقط زاد العجب بقوله تعالى : { ومن } أي : والحال أنه من { يبخل } بذلك { فإنما يبخل } بماله بخلا ضارّاً { عن نفسه } فإن نفع الإنفاق وضر البخل عائدان إليه والبخل يعدى بعن وعلى لتضمنه معنى الإمساك والتعدّي فإنه إمساك عمن يستحق { والله } أي : الملك الأعظم الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال { الغني } وحده عن نفقتكم { وأنتم } أيها المكلفون خاصة { الفقراء } لاحتياجكم في جميع أحوالكم إليه { وإن تتولوا } عطف على { وإن تؤمنوا وتتقوا } { يستبدل قوماً غيركم } أي : يخلق قوماً سواكم على خلاف صفتكم راغبين في الإيمان والتقوى { ثم لا يكونوا أمثالكم } في التولي عنه والزهد في الإيمان كقوله تعالى { ويأت بخلق جديد } [ إبراهيم : 19 ] قيل : هم الملائكة . وقيل الأنصار وعن ابن عباس : كندة والنخع وعن الحسن : العجم وعن عكرمة : فارس والروم «وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القوم وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه وقال : هذا وقومه والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس » رواه الترمذي والحاكم وصححاه .

ختام السورة:

وما رواه البيضاويّ تبعاً للزمخشري من أنه صلى الله عليه وسلم قال : «من قرأ سورة محمد كان حقاً على الله تعالى أن يسقيه من أنهار الجنة » حديث موضوع .