النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبۡخَلُۖ وَمَن يَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا يَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِۦۚ وَٱللَّهُ ٱلۡغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُۚ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم} (38)

قوله عز وجل : { وَإِن تَتَوَلَّوْا يَستَبْدِل قَوْماً غَيْرَكُمْ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : وإن تتولوا عن كتابي ، قاله قتادة .

الثاني : عن طاعتي ، حكاه ابن أبي حاتم{[2681]} .

الثالث : عن الصدقة التي أُمرتم بها ، قاله الكلبي .

الرابع : عن هذا الأمر فلا تقبلونه ، قاله ابن زيد .

{ يَسْتَبْدِل قَوْماً غَيْرَكُمْ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنهم أهل اليمن وهم الأنصار ، قاله شريح بن عبيد .

الثاني : أنهم الفرس .

روى أبو هريرة قال : لما نزل { وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِل قَوْماً غَيْرَكُم ثُمَّ لاَ يَكُونُوآ أمْثَالَكُم } كان{[2682]} سلمان إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا يستبدلوا بنا ؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان وقال : " هذا وَقَومُهُ ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ الدِّينَ مُعَلَّقٌ بِالثُّرَيَّا لَنالَهُ رَِجَالٌ مِن أَبْنَاءِ فَارِس " .

الثالث : أنهم من شاء من سائر الناس ، قاله مجاهد .

{ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُم } فيه وجهان :

أحدهما : يعني في البخل بالإنفاق في سبيل الله ، قاله الطبري .

الثاني : في المعصية وترك الطاعة .

وحكي عن أبي موسى الأشعري أنه لما نزلت هذه الآية فرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن الدُّنْيَا "


[2681]:في ع ابن حاتم.
[2682]:في ع قال سلمان بدلا من كان سلمان.