غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبۡخَلُۖ وَمَن يَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا يَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِۦۚ وَٱللَّهُ ٱلۡغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُۚ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم} (38)

19

ثم بين أنه كيف يأمركم بإخراج كل المال وقد دعاكم إلى إنفاق البعض { فمنكم من يبخل } و " ها " للتنبيه وكرر مع أولاء للتوكيد وأنتم أولاء جملة مستقلة أي أنتم يا مخاطبون هؤلاء الموصوفون . ثم استأنف وصفهم كأنهم قالوا وما وصفنا فقيل { تدعون لتنفقوا في سبيل الله } وهو الزكاة أو الغزو ، فمنكم ناس يبخلون به . وقيل : { هؤلاء } موصول صلته { تدعون } وهو مذهب الكوفيين وقد سلف في " البقرة " و " آل عمران " . ثم قبح أمر البخل بقوله { ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه } أي وباله على نفسه أو عن داعي ربه . قال في الكشاف : يقال بخلت عليه وعنه . وفيه نظر لأن البخل عن النفس لا يصح بهذا التفسير . نعم لو قال عن ماله كان تفسيره مطابقاً . ثم مدح نفسه بالغنى المطلق وبين بقوله { وأنتم الفقراء } أنه لا يأمر بالإنفاق لحاجته ولكن لفقركم إلى الثواب . ثم هددهم بقوله { وإن تتولوا } وهو معطوف على { وإن تؤمنوا } ومعنى { يستبدل قوماً غيركم } يخلق قوماً سواكم راغبين فيما ترغبون عنه من الإيمان والتقوى كقوله { إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد } [ فاطر : 61 ] ومعنى " ثم " التراخي في الرتبة أي لا يكونون أشباهكم في حال توليكم . وقيل : في جميع الأحوال . وعن الكلبي : شرط في الاستبدال توليهم لكنهم لم يتولوا فلم يستبدل قوماً وهم العرب أهل اليمن أو العجم . قاله الحسن وعكرمة لما روي أو رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه وقال : هذا وقومه ، والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس والله تعالى أعلم .

/خ38