بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبۡخَلُۖ وَمَن يَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا يَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِۦۚ وَٱللَّهُ ٱلۡغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُۚ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم} (38)

قوله عز وجل : { ها أَنتُمْ هؤلاء } قرأ نافع ، وأبو عمرو { ها أَنتُمْ } بمدة طويلة ، بغير همز . وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي . بالمد ، والهمز ، فَهَا تنبيه ، وأنتم كلمة على حدة ، وإنما مد ليفصل ألف هاء من ألف أنتم . وقرأ ابن كثير : بالهمز بغير مد ومعناه : أَأَنتم . ثم قلبت إحدى الهمزتين هاء . ومعنى هذه القراآت كلها أنتم يا معشر المؤمنين { تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ في سَبِيلِ الله } يعني : لتتصدقوا في سبيل الله ، وتعينوا الضعفاء . { فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ } بالنفقة في سبيل الله { وَمَن يَبْخَلْ } بالنفقة { فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ } يعني : لا يكون له ثواب النفقة { والله الغني } عما عندكم من الأموال ، وعن أعمالكم . { وَأَنتُمُ الفقراء } إلى ما عند الله من الثواب ، والرحمة ، والمغفرة . { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ } يعني : تعرضوا عما أمركم الله به من الصدقة ، وغير ذلك مما افترض الله عليكم من حق . { يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أمثالكم } يعني : يهلككم ، ويأت بخير منكم ، وأطوع لله تعالى منكم { ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أمثالكم } يعني : أشباهكم في معصية الله تعالى . قال بعضهم : لم يتولوا ، ولم يستبدل بهم . وقال بعضهم : استبدل بهم أناس من كندا وغيرها . وروى أبو هريرة قال : لما نزلت هذه الآية ، قالوا : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الذين ، إِنْ تولينا استبدلوا بِنَا ؟ قال : وَعنده سلمان . فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده عليه ، ثم قال : «هذا وَقَوْمُهُ » ثم قال : «لَوْ كَانَ الإِيمَانُ مُعَلَّقاً بِالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَاِرس » وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين .