قوله تعالى : { قل إني على بينة } ، أي : على بيان وبصيرة وبرهان .
قوله تعالى : { من ربي وكذبتم به } ، أي : ما جئت به .
قوله تعالى : { ما عندي ما تستعجلون به } ، قيل : أراد به استعجالهم العذاب ، كانوا يقولون : { إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة } [ الأنفال : 32 ] الآية ، وقيل : أراد به القيامة ، قال الله تعالى : { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } [ الشورى :18 ] .
قوله تعالى : { إن الحكم إلا لله يقص الحق } ، قرأ أهل الحجاز وعاصم : يقص بضم القاف ، والصاد مشدداً ، أي يقول الحق ، لأنه في جميع المصاحف بغير ياء ، ولأنه قال الحق ، ولم يقل بالحق ، وقرأ الآخرون { يقضي } بسكون القاف ، والضاد مكسورة ، من قضيت ، أي : يحكم بالحق بدليل أنه قال : { وهو خير الفاصلين } ، والفصل يكون في القضاء ، وإنما حذفوا الياء لاستثقال الألف واللام ، كقوله تعالى : { صال الجحيم } ونحوها ، ولم يقل بالحق لأن الحق صفة المصدر ، كأنه قال : يقضي القضاء الحق .
وقوله : { قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي } أي : على بصيرة من شريعة الله التي أوحاها إلي { وَكَذَّبْتُمْ بِهِ } أي : بالحق الذي جاءني من [ عند ]{[10726]} الله { مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ } أي : من العذاب ، { إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ } أي : إنما يرجع أمر ذلك إلى الله إن شاء عَجَّل لكم ما سألتموه من ذلك ، وإن شاء أنظركم وأجلكم ؛ لما له في ذلك من الحكمة العظيمة . ولهذا قال { إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ } أي : وهو خير من فصل القضايا ، وخير الفاتحين الحاكمين بين عباده .
وقوله تعالى : { قل إني على بينة من ربي } الآية ، هذه الآية تماد في إيضاح مباينته لهم ، والمعنى قل إني على أمر بين فحذف الموصوف ثم دخلت هاء المبالغة كقوله عز وجل : { بل الإنسان على نفسه بصيرة }{[4936]} ويصح أن تكون الهاء في { بينة } مجردة للتأنيث ، ويكون بمعنى البيان ، كما قال { ويحيى من حيَّ عن بينة }{[4937]} والمراد بالآية إني أيها المكذبون في اعتقادي ويقيني وما حصل في نفسي من العلم على بينة من ربي { وكذبتم به } الضمير في { به } عائد على( بين ) في تقدير هاء المبالغة أو على البيان التي هي { بينة } بمعناه في التأويل الآخر ، أو على الرب ، وقيل على القرآن وهو وإن لم يتقدم له ذكر جلي فإنه بعض البيان الذي منه حصل الاعتقاد واليقين للنبي عليه السلام ، فيصح عود الضمير عليه .
قال القاضي أبو محمد : وللنبي عليه السلام أمور أخر غير القرآن وقع له العلم أيضاً من جهتها كتكليم الحجارة له ورؤيته للملك قبل الوحي وغير ذلك وقال بعض المفسرين في { به } عائد على { ما } والمراد بها الآيات المقترحة على ما قال بعض المفسرين ، وقيل المراد بها العذاب ، وهذا يترجح بوجهين : أحدهما من جهة المعنى وذلك أن قوله { وكذبتم به } يتضمن أنكم واقعتم ما تستوجبون به العذاب إلا أنه ليس عندي ، والآخر من جهة اللفظ وهو الاستعجال الذي لم يأت في القرآن استعجالهم إلا للعذاب ، لأن اقتراحهم بالآيات لم يكن باستعجال ، وقوله { إن الحكم إلا لله } أي القضاء والإنفاذ { يقص الحق } أي يخبر به ، والمعنى يقص القصص الحق ، وهذه قراءة ابن كثير وعاصم ونافع وابن عباس ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وابن عامر «يقضي الحق »{[4938]} أي ينفذه ، وترجع هذه القراءة بقوله { الفاصلين } لأن الفصل مناسب للقضاء ، وقد جاء أيضاً الفصل والتفصيل مع القصص ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود «وهو أسرع الفاصلين » قال أبو عمرو الداني : وقرأ عبد الله وأبيّ ويحيى ابن وثاب وإبراهيم النخعي وطلحة الأعمش «يقضي بالحق » بزيادة باء الجر ، وقرأ مجاهد وسعيد بن جبير «يقضي الحق وهو خير الفاصلين » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.