غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُلۡ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبۡتُم بِهِۦۚ مَا عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦٓۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِۖ يَقُصُّ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡفَٰصِلِينَ} (57)

51

ثم نبه على ما يجب اتباعه بقوله { قل إني على بينة من ربي } على حجة واضحة من مغفرة ربي وأنه لا معبود سواه { وكذبتم } أنتم به حيث أشركتم به غيره . يقال : أنا على بينة من هذا الأمر وأنا على يقين منه إذا كان ثابتاً عنده بدليل . وقيل : أي على حجة من جهة ربي وهي القرآن { وكذبتم به } أي بالبينة وذكر الضمير على تأويل القرآن أو البيان . { ما عندي ما تستعجلون به } يعني العذاب الذي استعجلوه في قولهم { إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } [ الأنفال : 32 ] قال الكلبي : نزلت في النضر بن الحرث ورؤساء قريش كانوا يقولون : يا محمد آتنا بالعذاب الذي تعدنا به استهزاء منهم . { إن الحكم إلا لله } مطلق يتناول الكل . فقال الأشاعرة : لا يقدر العبد على أمر من الأمور إلا إذا قضى الله تعالى فيمتنع منه فعل الكفر إلا بإرادة الله ، واحتجت المعتزلة بقوله { يقضي الحق } أي كل ما قضى به فهو الحق ، وهذا يقتضي أن لا يريد الكفر من الكافر ولا المعصية من العاصي لأن ذلك ليس بحق . ويمكن أن يقال : إن جميع أحكامه حق وصدق ولا اعتراض لأحد عليه بحكم المالكية . وانتصاب { الحق } على أنه صفة مصدر أي يقضي القضاء الحق ، أو مفعول به من قولهم : قضى الدرع إذا صنعها أي يصنع الحق ويدبره . ومثله من قرأ { يقصر الحق } كقوله { نحن نقص عليك أحسن القصص } [ يوسف : 2 ] أي يقول الحق أو يتبعه من قص أثره { وهو خير الفاصلين } أي القاضين ، وإنما كتب { يقض } في المصاحف بغير ياء لأنها سقطت في اللفظ لالتقاء الساكنين ، وليوافق قراءة { يقص } .

/خ60