نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُلۡ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبۡتُم بِهِۦۚ مَا عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦٓۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِۖ يَقُصُّ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡفَٰصِلِينَ} (57)

ولما كان طلبهم للآيات - أي العلامات{[29820]} الدالة على الصدق تارة بالرحمة في إنزال الأنهار والكنوز و{[29821]} إراحة الحياة{[29822]} ، وتارة بالعذاب من إيقاع السماء عليهم كسفاً ونحو ذلك - ليس في يده ولا عنده تعين وقت نزوله ، وأمره هنا أن يصرح لهم بالمباينة{[29823]} ويؤيسهم من الملاينة ما داموا على المداهنة ، أمره{[29824]} {[29825]} بأن يخبرهم{[29826]} بما هو متمكن فيه من النور وما هم فيه من العمى بقوله : { قل إني } وأشار إلى تمكنه في الأدلة الظاهرة والحجج القاهرة بحرف الاستعلاء فقال : { على بينة } أي إن{[29827]} العدو إنما يصانع عدوه إما لعدم الثقة بالنصرة عليه وتعذيبه بعداوته ، و{[29828]} إما لعدم وثوقه بأنه على الحق ، وأما أنا فواثق بكلا الأمرين { من ربي } أي المحسن إليّ بإرسالي بعد الكشف التام لي عن سر{[29829]} الملك والملكوت { و } الحال أنكم { كذبتم به } أي ربي حيث رددتم رسالته فهو منتقم منكم لا محالة .

ولما قيل ذلك ، فرض أن لسان حالهم قال : فائتنا بهذه البينة ! فقال : إن ربي تام القدرة ، فلا يخاف الفوت فلا يعجل ، وأما أنا فعبد { ما عندي } أي في{[29830]} قدرتي وإمكاني { ما تستعجلون به } أي في قولكم " امطر علنيا حجارة من السماء " ونحوه حتى أحكم فيكم{[29831]} بما يقتضيه طبع البشر من العجلة{[29832]} { إن } أي ما { الحكم } في شيء من الأشياء هذا وغيره { إلا لله } أي الذي له الأمر كله فلا كفوء له ، ثم استأنف قوله مبيناً أنه سبحانه يأتي بالأمر في الوقت الذي حده{[29833]} له على ما هو الأليق به من غير قدرة لأحد غيره على تقديم ولا تأخير فقال : { يقص{[29834]} } أي يفصل وينفذ بالتقديم والتأخير ، وهو معنى قراءة الحرميين وعاصم " يقص " أي يقطع القضاء أو القصص { الحق } ويظهره فيفصله من الباطل ويوضحه ، ليتبعه من قضى بسعادته ، ويتنكب عنه من حكم بشقاوته { وهو خير الفاصلين * } لأنه إذا أراد ذلك لم يدع لبساً لمن يريد هدايته ، وجعل في ذلك الظاهر سبباً{[29835]} لمن يريد ضلالته ؛


[29820]:في ظ: العاملات.
[29821]:في ظ: إزاحة الجبال- كذا.
[29822]:في ظ: إزاحة الجبال- كذا.
[29823]:من ظ، وفي الأصل: المباينة.
[29824]:في ظ: أمرهم.
[29825]:من ظ، وفي الأصل: بانا نخبرهم.
[29826]:من ظ، وفي الأصل: بانا نخبرهم.
[29827]:سقط من ظ.
[29828]:زيد من ظ.
[29829]:من ظ، وفي الأصل: شرك.
[29830]:زيد من ظ.
[29831]:سقط من ظ.
[29832]:زيد بعده في الأصل: ما عندي ما تستعجلون به أي حتى أحكم فيكم، ولم تكن الزيادة في ظ فحذفناها.
[29833]:في ظ: حد.
[29834]:في ظ: يقضي- كذا بإثبات الياء والصواب ما في الأصل، وقال في روح المعاني 2/489: وحذفت الياء في الخط تبعا لحذفها في اللفظ لالتقاء الساكنين.
[29835]:في ظ: شبها.