معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (33)

قوله تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } ، يعني : الطواف عراة ، { ما ظهر } طواف الرجال بالنهار ، { وما بطن } طواف النساء بالليل ، وقيل : هو الزنا سراً وعلانيةً .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : قلت أنت سمعت هذا من عبد الله ؟ قال : نعم رفعه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا أحد أغير من الله ، فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله فلذلك مدح نفسه . ) قوله تعالى : { والإثم } يعني : الذنب والمعصية . وقال الضحاك : الذنب الذي لا حد فيه ، قال الحسن : الإثم الخمر .

قال الشاعر :

شربت الإثم حتى ضل عقلي *** كذاك الإثم تذهب بالعقول

قوله تعالى : { والبغي } ، الظلم الكبير .

قوله تعالى : { بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً } ، حجةً وبرهاناً .

قوله تعالى : { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } ، في تحريم الحرث والأنعام ، في قول مقاتل . وقال غيره : هو عام في تحريم القول في الدين من غير يقين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (33)

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن شَقِيقٍ ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا أحد أغير من الله ، فلذلك حَرَّم الفواحش ما ظَهَر منها وما بَطن ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله " .

أخرجاه في الصحيحين ، من حديث سليمان بن مهْران الأعمش ، عن شقيق عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود{[11698]} وتقدم الكلام في سورة الأنعام على ما يتعلق بالفواحش ما ظهر منها وما بطن .

وقوله : { وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ } قال السُّدِّي : أما الإثم فالمعصية ، والبغي أن تبغي على الناس بغير الحق .

وقال مجاهد : الإثم المعاصي كلها ، وأخبر أن الباغي بغيه كائن على نفسه .

وحاصل ما فُسّر{[11699]} به الإثم أنه الخطايا المتعلقة بالفاعل نفسه ، والبغي هو التعدي إلى الناس ، فحرم الله هذا وهذا .

وقوله : { وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ } أي : تجعلوا له شريكا في عبادته ، وأن تقولوا عليه{[11700]} من الافتراء والكذب من دعوى أن له ولدًا ونحو ذلك ، مما لا علم لكم به كما قال تعالى : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ [ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ] }{[11701]} الآية [ الحج : 30 ، 31 ] .


[11698]:المسند (1/381)، وصحيح البخاري برقم (4634)، وصحيح مسلم برقم (2760).
[11699]:في أ: "فسرا".
[11700]:في ك: "على الله".
[11701]:زيادة من ك، م، أ.