الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} (33)

قوله : { قل إنما حرم ربي الفواحش }[ 33 ] الآية .

المعنى { قل } لهم ، يا محمد : إن ربي لم يحرم عليكم ما حرمتم{[23484]} على أنفسكم ، إنما حرم عليكم الفواحش ، الظاهر منها والباطن ، والشرك بالله ( سبحانه ){[23485]} ما ليس معكم به حجة{[23486]} ، وقولكم على الله ما لا تعملون ، وحرم عليكم الإثم والبغي بغير الحق .

والفواحش : القبائح{[23487]} .

قال{[23488]} مجاهد : { ما ظهر منها } : نكاح الأمهات ، { وما بطن } : الزنا{[23489]} .

وقيل : { ما ظهر } : الطواف عريانا{[23490]} ، { وما بطن } الزنا{[23491]} .

{ والإثم } : المعصية{[23492]} .

{ والبغي } : الاستطالة على الناس{[23493]} .

قال السدي : { البغي } ، أن يبغي على الناس بغير الحق{[23494]} .

وأصل البغي : التجاوز في الظلم{[23495]} .

وقد قيل : إن { الإثم } ، الخمر{[23496]} ، وهو قول غير معروف{[23497]} ، لكن هذه الآية تدل على نص تحريم الخمر{[23498]} ؛ لأن الله ( تعالى ){[23499]} قد أخبرنا ، أن في الخمر إثما ، فقال : { قل فيهما إثم كبير{[23500]} } ، وحرم الله اكتساب الإثم{[23501]} في هذه الآية{[23502]} .


[23484]:في الأصل، ما حترمته، وهو تحريف.
[23485]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23486]:قال في تفسير المشكل في غريب القرآن 171: {ما لم ينزل به سلطانا}، أي: حجة". وعن ابن عباس، قال: كل سلطان في القرآن حجة، كما في تفسير ابن أبي حاتم 5/1471.
[23487]:جامع البيان 12/402.
[23488]:في الأصل: قاله، وهو تحريف وتصويبه من ج، ومصادر التوثيق أسفله.
[23489]:تفسير القرطبي 7/128، وجامع البيان 12/220، بلفظ: {ما ظهر}: جمع بين الأختين، وتزويج الرجل امرأة أبيه من بعده". وهو قول ابن عباس في زاد المسير 3/190.
[23490]:في ج: عريان.
[23491]:وهو قول مجاهد في جامع البيان 12/402،403، والمحرر الوجيز 2/395، وزاد المسير 3/190، والبحر المحيط 4/294، بتصرف يسير.
[23492]:هو قول السدي في جامع البيان 12/403، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1471، وتفسير ابن كثير 2/211، والدر المنثور 3/448. وفي تفسير هود بن محكم الهواري 2/15: "المعاصي كلها"، وهي قولة مجاهد في زاد المسير 3/191. وقال ابن عطية في المحرر الوجيز 2/395: "لفظه عام لجميع الأفعال والأقوال التي يتعلق بمرتكبها إثم، هذا قول الجمهور".
[23493]:معاني القرآن للفراء 1/378، وجامع البيان 12/403، وإعراب القرآن للنحاس 2/123، وتفسير الطبرسي 8/48، وزاد المسير 3/191.
[23494]:جامع البيان 12/403، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1471، وتفسير ابن كثير 2/211، والدر المنثور 3/448. قال ابن عطية، يرحمه الله، في محرره 2/395،:"...التعدي هو تجاوز الحد، كان الإنسان مبتدئا بذلك أو منتصرا، فإذا جاوز الحد في الانتصار فهو باغ،...، وليس يتصور بغي بحق؛ لأن ما كان بحق فلا يسمى بغيا".
[23495]:إعراب القرآن للنحاس 2/124، وتفسير القرطبي 7/129.
[23496]:وهو قول الحسن البصري كما في تفسيره 1/376، وزاد المسير 3/191، وزاد نسبته إلى عطاء أيضا، وتفسير القرطبي 7/129، وتفسير الخازن 2/84، ونسبه إلى عطاء أيضا والبحر المحيط 4/294، ونسبه إلى ابن عباس أيضا، وتفسير الألوسي 8/112، ونسبه إلى ابن عباس أيضا.
[23497]:وفي إعراب القرآن للنحاس 2/123: "قال أبو جعفر...،: فإما أن يكون الإثم الخمر فلا يعرف ذلك...". وأنكر ابن الأنباري تسمية الخمر بالإثم، قال: لأن العرب ما سمته إثما قط في جاهلية ولا في إسلام، ولكن قد يكون الخمر داخلا تحت الإثم لقوله: {قل فيهما إثم كبير}، كما في تفسير الخازن 2/84. فيكون ذلك مجازا "من إطلاق المسبب على السبب" البحر المحيط 4/293.
[23498]:في ج: تدل على تحريم نص الخمر. وليس بشيء.
[23499]:ما بين الهلالين ساقط من ج.
[23500]:البقرة: آية217. ومستهل الآية: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}.
[23501]:في ج: الخمر، وفوقها علامة التضبيب: صاد ممدودة، وفي الهامش: الإثم، وفوقها كلمة "صح".
[23502]:تعقب ابن عطية في محرره 2/395، هذا التفسير، قائلا: "وهذا قول مردود؛ لأن هذه السورة مكية، ولم تعن الشريعة بتحريم الخمر إلا بالمدينة بعد أحد، لأن جماعة من الصحابة اصطحبوها يوم أحد، وماتوا شهداء، وهي في أجوافهم... وكأن ظاهر القرآن على هذا القول أن تحريم الخمر من قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير}، وهو في هذه الآية قد حرم، فيأتي من هذا أن الخمر إثم، الإثم محرم، والخمر محرم...، ولكن لا يصح هذا..." وانظر: بقية رده فهو مفيد. وأضف إليه ما في زاد المسير 3/191، والبحر المحيط 4/294.