قوله تعالى : { مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } : تقدَّم في آخر السورة قبلها . وقوله : " والإِثم " الظاهرُ أنها الذنب . وقيل : هو الخمر هنا ، قاله الفضل وأنشد :
نهانا رسولُ الله أَنْ نقرَب الزِّنى *** وأن نشرب الإِثمَ الذي يُوجب الوِزْرا
ورُحْتُ حزيناً ذاهلَ العقل بعدهمْ *** كأني شربتُ الإِثمَ أو مَسَّني خَبَلُ
قال : وقد تُسَمَّى الخمرُ إثماً ، وأنشد :
شَرِبْتُ الإِثمَ حتى ضَلَّ عقلي *** كذاك الإِثمُ يَذْهب بالعقولِ
ويُروى عن ابن عباس والحسن البصري أنهما قالا : " الإِثم : الخمر " . قال الحسن : " وتصديق ذلك قولُه : { قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ } [ البقرة : 219 ] والذي قاله الحذَّاقُ : إن الإِثم ليس من أسماء الخمر . قال ابن الأنباري : " الإثم لا يكون اسماً للخمر ؛ لأن العرب لم تُسَمِّ الخمر إثماً في جاهلية ولا إسلام ، وقول ابن عباس والحسن لا ينافي ذلك ، لأن الخمر سبب الإِثم بل هي معظمه فإنها مؤجِّجةٌ للفتن ، وكيف يكون ذلك وكانت الخمرُ حين نزول هذه السورة حلالاً ؛ لأن هذه السورةَ مكية ، وتحريمُ الخمر إنما كان في المدينة بعد أُحُدٍ ، وقد شربها جماعةٌ من الصحابة يوم أحد فماتوا شهداء وهي في أجوافهم . وأمَّا ما أنشده الأصمعي من قوله " شَرِبت الإِثم " فقد نَصُّوا أنه مصنوعٌ ، وأما غيره فالله أعلم " .
و { بِغَيْرِ الْحَقِّ } حالٌ ، وهي مؤكدة لأن البغي لا يكون إلا بغير حق و " أَنْ تُشْرِكوا " منصوبُ المحلِّ نسقاً على مفعول " حَرَّمَ " أي : وحَرَّم إشراكَكَم عليكم ، ومفعولُ الإِشراك { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } وقد تقدَّم بيانُه في الأنعام . و { أَن تقولوا } أيضاً نسقٌ على ما قبله أي : وحرَّم قولكم عليه مِنْ غير علمٍ . وقال الزمخشري : " ما لم يُنّزِّل به سلطاناً : تهكُّمٌ بهم لأنه/ لا يجوزُ أن يُنْزِلَ برهاناً أَنْ يُشْرَكَ به غيرُه " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.