وهي مدنية في قول أكثر المفسرين ، ذكره الثعلبي ، وحكى الماوردي عكسه .
قلت : وهي مدنية في قول الضحاك ، وأحد قولي ابن عباس . وذكر الواقدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة . وهي خمس آيات .
قوله تعالى : " إنا أنزلناه " يعني القرآن ، وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة ؛ لأن المعنى معلوم ، والقرآن كله كالسورة الواحدة . وقد قال : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " {[16227]} [ البقرة : 185 ] وقال : " حم . والكتاب المبين . إنا أنزلناه في ليلة مباركة " {[16228]} ، [ الدخان : 3 ] يريد : في ليلة القدر . وقال الشعبي : المعنى إنا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر . وقيل : بل نزل به جبريل عليه السلام جملة واحدة في ليلة القدر ، من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، إلى بيت العزة ، وأملاه جبريل على السفرة{[16229]} ، ثم كان جبريل ينزله على النبي صلى اللّه عليه وسلم نجوما نجوما{[16230]} . وكان بين أوله وآخره ثلاث وعشرون سنة . قاله ابن عباس ، وقد تقدم في سورة " البقرة " {[16231]} . وحكى الماوردي عن ابن عباس قال : نزل القرآن في شهر رمضان ، وفي ليلة القدر ، في ليلة مباركة ، جملة واحدة من عند اللّه ، من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجمته السفرة الكرام الكاتبون على جبريل عشرين سنة ، ونجمه جبريل على النبي صلى اللّه عليه وسلم عشرين سنة . قال ابن العربي : " وهذا باطل ، ليس بين جبريل وبين اللّه واسطة ، ولا بين جبريل ومحمد عليهما السلام واسطة " .
اختلف الناس في ليلة القدر على ستة عشر قولا ، وهي : أنها ليلة إحدى وعشرين من رمضان ، وليلة ثلاث وعشرين ، وليلة خمس وعشرين ، وليلة سبع وعشرين ، وليلة تسع وعشرين ، فهذه خمسة أقوال في ليالي الأوتار من العشر الأواخر من رمضان على قول من ابتدأ عدتها من أول العشر ، وقد ابتدأ بعضهم عدتها من آخر الشهر ، فجعل ليالي الأوتار ليلة ثلاثين لأنها الأولى ، وليلة ثمان وعشرين لأنها الثانية ، وليلة ستة وعشرين لأنها الخامسة ، وليلة أربع وعشرين لأنها السابعة ، وليلة اثنين وعشرين لأنها التاسعة ، فهذه خمسة أقوال أخر فتلك عشرة أقوال ، والقول الحادي عشر : أنها تدور في العشر الأواخر ولا تثبت في ليلة واحدة منه . الثاني عشر : أنها مخفية في رمضان كله . وهذا ضعيف لقوله صلى الله عليه وسلم : " التمسوها في العشر الأواخر " . الثالث عشر : أنها مخفية في العام كله . الرابع عشر أنها ليلة النصف من شعبان وهذان القولان باطلان ؛ لأن الله تعالى قال : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } وقال : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } [ البقرة : 185 ] فدل ذلك على أن ليلة القدر في رمضان . القول الخامس عشر : أنها رفعت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا ضعيف . القول السادس عشر أنها ليلة سبعة عشر من رمضان ؛ لأن وقعة بدر كانت صبيحة هذه الليلة ، وأرجح الأقوال أنها ليلة إحدى وعشرين من رمضان ، أو ليلة ثلاث وعشرين ، أو ليلة سبع وعشرين ، فقد جاءت في هذه الليالي الثلاث أحاديث صحيحة خرجها مسلم وغيره ، والأشهر أنها ليلة سبع وعشرين .
{ إنا أنزلناه في ليلة القدر } الضمير في أنزلناه للقرآن دل على ذلك سياق الكلام ، وفي ذلك تعظيم للقرآن من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه ذكر ضميره دون اسمه الظاهر دلالة على شهرته ، والاستغناء عن تسميته .
والثاني : أنه اختار لإنزاله أفضل الأوقات .
والثالث : أن الله أسند إنزاله إلى نفسه ، وفي كيفية إنزاله في ليلة القدر قولان :
أحدهما : أنه ابتدأ إنزاله فيها .
والآخر : أنه أنزل القرآن فيها جملة واحدة إلى السماء ، ثم نزل به جبريل إلى الأرض بطول عشرين سنة .
وقيل : المعنى أنزلناه في شأن ليلة القدر وذكرها ، وهذا ضعيف ، وسميت ليلة القدر من تقدير الأمور فيها ، أو من القدر بمعنى الشرف ، ويترجح الأول بقوله : { فيها يفرق كل أمر حكيم } [ الدخان : 4 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.