معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (137)

قوله تعالى : { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به } . أي بما آمنتم به ، وكذلك كان يقرؤها ابن عباس ، والمثل صلة كقوله تعالى : { ليس كمثله شيء } أي ليس هو كشيء ، وقيل : معناه فإن آمنوا بجميع ما آمنتم به أي أتوا بإيمان كإيمانكم وتوحيد كتوحيدكم ، وقيل : معناه فإن آمنوا مثل ما أمنتم به و الباء زائدة كقوله تعالى : { وهزي إليك بجذع النخلة } وقال أبو معاذ النحوي : معناه فإن آمنوا بكتابكم كما آمنتم بكتابهم .

قوله تعالى : { فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق } . أي في خلاف ومنازعة قال ابن عباس وعطاء يقال : شاق مشاقةً إذا خالف كأن كل واحد آخذ في شق غير شق صاحبه ، قال الله تعالى : { لا يجرمنكم شقاقي } أي خلافي ، وقيل : في عداوة ، دليله : قوله تعالى : { ذلك بأنهم شاقوا الله }أي عادوا الله .

قوله تعالى : { فسيكفيكهم الله } . يا محمد أي يكفيك شر اليهود و النصارى وقد كفى بإجلاء بني النضير ، وقتل بني قريظة وضرب الجزية على اليهود و النصارى .

قوله تعالى : { وهو السميع } . لأقوالهم .

قوله تعالى : { العليم } . بأحوالهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (137)

124

ومن ثم يقرر السياق الحقيقة الكبيرة ، ويثبت عليها المؤمنين بهذه العقيدة . حقيقة أن هذه العقيدة هي الهدى . من اتبعها فقد اهتدى . ومن أعرض عنها فلن يستقر على أصل ثابت ؛ ومن ثم يظل في شقاق مع الشيع المختلفة التي لا تلتقي على قرار :

( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ، وإن تولوا فإنما هم في شقاق ) . .

وهذه الكلمة من الله ، وهذه الشهادة منه سبحانه ، تسكب في قلب المؤمن الاعتزاز بما هو عليه . فهو وحده المهتدي . ومن لا يؤمن بما يؤمن به فهو المشاق للحق المعادي للهدى . ولا على المؤمن من شقاق من لا يهتدي ولا يؤمن ، ولا عليه من كيده ومكره . ولا عليه من جداله ومعارضته . فالله سيتولاهم عنه ، وهو كافيه وحسبه :

( فسيكفيكهم الله . وهو السميع العليم ) .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (137)

{ فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا } من باب التعجيز والتبكيت ، كقوله تعالى : { فائتوا بسورة من مثله } إذ لا مثل لما آمن به المسلمون ، ولا دين كدين الإسلام . وقيل : الباء للآلة دون التعدية ، والمعنى إن تحروا الإيمان بطريق يهدي إلى الحق مثل طريقكم ، فإن وحدة المقصد لا تأبى تعدد الطرق ، أو مزيدة للتأكيد كقوله تعالى : { جزاء سيئة بمثلها } . والمعنى فإن آمنوا بالله إيمانا مثل إيمانكم به ، أو المثل مقحم كما في قوله : { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } أي عليه ، ويشهد له قراءة من قرأ بما آمنتم به أو بالذي آمنتم به { وإن تولوا فإنما هم في شقاق } أي إن أعرضوا عن الإيمان ، أو عما تقولون لهم فما هم إلا في شقاق الحق ، وهو المناوأة والمخالفة ، فإن كل واحد من المتخالفين في شق غير شق الآخر

{ فسيكفيكهم الله } تسلية وتسكين للمؤمنين ، ووعد لهم بالحفظ والنصرة على من ناوأهم { وهو السميع العليم } إما من تمام الوعد ، بمعنى أنه يسمع أقوالكم ويعلم إخلاصكم وهو مجازيكم لا محالة ، أو وعيد للمعرضين ، بمعنى أنه يسمع ما يبدون ويعلم ما يخفون وهو معاقبهم عليه .