تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (137)

يقول الله سبحانه : { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به } ، يقول : فإن صدق أهل الكتاب بالذي صدقتم به يا معشر المسلمين من الإيمان بجميع الأنبياء والكتب ، { فقد اهتدوا } من الضلالة ، { وإن تولوا } ، أي وإن كفروا بالنبيين وجميع الكتب ، { فإنما هم في شقاق } يعني : في ضلال واختلاف ، نظيرها : { وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد } ( البقرة ) يعني : لفي ضلال واختلاف ، لأن اليهود كفروا بعيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ، وبما جاءا به ، وكفرت النصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به ، فلما نزلت هذه الآية قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على اليهود والنصارى ، فقال :" إن الله عز وجل أمرني أن أوصي بهذه الآية ، فإن أنتم آمنتم ، يعني : صدقتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والكتاب ، فقد اهتديتم ، وإن توليتم وأبيتم عن الإيمان ، فإنما أنتم في شقاق" . فلما سمعت اليهود ذكر عيسى صلى الله عليه وسلم ، قالوا : لا نؤمن بعيسى ، وقالت النصارى : وعيسى بمنزلتهم مع الأنبياء ، ولكنه ولد الله ، يقول : إن أبوا أن يؤمنوا بمثل ما آمنتم به ، { فسيكفيكهم الله } يا محمد ، يعني : أهل الكتاب ، ففعل الله عز وجل ذلك ، فقتل أهل قريظة ، وأجلى بني النضير من المدينة إلى الشام ، { وهو السميع العليم } لقولهم للمؤمنين : { كونوا هودا أو نصارى تهتدوا } { العليم } بما قالوا .