الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (137)

[ ثم قال( {[4354]} ) ] : ( فَإِنَ امَنُوا بِمِثْلِ مَا ءَامَنْتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا ) [ 136 ] .

أي : إن صدقوا بجميع الأنبياء وبجميع الكتب التي أنزلها الله كما آمنتم( {[4355]} ) فقد اهتدوا( {[4356]} ) إلى الحق ، يعني به اليهود والنصارى .

( وَإِن تَوَلَّوْا ) : أي : إن( {[4357]} ) لم يؤمنوا بذلك وأعرضوا ، ( فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ) . أي : في مشاقة( {[4358]} ) ومباعدة من الحق وفراق له ومحاربة له .

وقيل : المعنى : قد( {[4359]} ) صاروا في شق غير شق المسلمين .

والمماثلة في الآية إنما وقعت بين التصديقين ، أي : إن صدقوا بمثل تصديقكم وأقروا بمثل إقراركم . ولم يقع التمثيل بين المؤمن به وهو الله عز وجل وسبحانه وتعالى ؛ هذا كفر لا يجوز( {[4360]} ) .

فإن قيل( {[4361]} ) : وهل للإيمان( {[4362]} ) مثل( {[4363]} ) ، هو غير الإيمان فتصح المماثلة به ؟

فالجواب : أنه محمول على المعنى ، والتقدير : فإن أتوا بتصديق مثل تصديقكم فقد اهتدوا : أي : صاروا مسلمين . وهذا من كلام العرب ، يقول الرجل لمن( {[4364]} ) يتلقاه : " بشر استقبل مثلي بهذا " . وقد قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )( {[4365]} ) . وتقول : " ليس كربنا شيء " ، " وليس كمثل ربنا شيء " . والمعنى سواء . هذا قول أبي حاتم وغيره( {[4366]} ) .

ثم قال تعالى : ( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ )/[ 136 ] .

أي : فسيكفيك الله يا محمد هؤلاء المخالفين لك من اليهود والنصارى( {[4367]} ) إما بقتل وإما بجلاء عن جوارك( {[4368]} ) .

( وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ) [ 136 ] : أي يسمع ما يقولون بألسنتهم ويعلم ما يبطنون لك ولأصحابك من البغضاء والحسد( {[4369]} ) . فأنجز الله لرسوله وعده في اليهود وفي غيرهم وكفاه إياهم وسلَّطه عليهم وخذلهم ، فقتل بعضاً ، وأجلى بعضاً ، وأذل بعضاً بالجزية( {[4370]} ) .


[4354]:- في ح، ق: قال تعالى.
[4355]:- في ح: آمنتم أنتم.
[4356]:- سقط قوله: "أي إن صدقوا...فقد اهتدوا" من ع3.
[4357]:- سقط من ع3.
[4358]:- في ع3: مشقة.
[4359]:- في ح: فقد.
[4360]:- انظر: هذا التأويل في جامع البيان 3/114، والمحرر الوجيز 1/369.
[4361]:- سقط من ق.
[4362]:- في ع3: الإيمان.
[4363]:- في ق: مثل ما.
[4364]:- في ع2، ع3: لن. وهو تحريف.
[4365]:- الشورى آية 9.
[4366]:- وهو أيضاً قول الطبري. انظر: جامع البيان 3/114.
[4367]:- سقط قوله: "من اليهود والنصارى" من ع3.
[4368]:- انظر: جامع البيان 3/116.
[4369]:- في ع3: من الحسد.
[4370]:- في ع3: للجزية.