لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (137)

قوله عز وجل : { فإن آمنوا } يعني اليهود والنصارى { بمثل ما آمنتم به } أي بما آمنتم به ومثل صلة فهو كقوله : { ليس كمثله شيء } أي ليس مثله شيء وقيل : فإن أتوا بإيمان كإيمانكم وتوحيد كتوحيدكم { فقد اهتدوا } والمعنى إن حصلوا ديناً آخر يساوي هذا الدين في الصحة ، والسداد فقد اهتدوا ولكن لما استحال أن يوجد دين آخر يساوي هذا الدين في الصحة والسداد استحال الاهتداء بغيره لأن هذا الدين مبناه على التوحيد والإقرار بكل الأنبياء وما أنزل إليهم وقيل معناه فإن آمنوا بكتابكم كما آمنتم بكتابهم فقد اهتدوا { وإن تولوا } أي أعرضوا { فإنما هم في شقاق } أي في خلاف ومنازعة وقيل : في عداوة ومحاربة وقيل : في ضلال ، وأصله من الشق كأنه صار في شق غير شق صاحبه بسبب عداوته وقيل هو من المشقة لأن كل واحد منهما يحرص على ما يشق على صاحبه ويؤذيه { فسيكفيكهم الله } أي يكفيك الله يا محمد شر اليهود والنصارى وهو ضمان من الله تعالى لإظهار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه إذا تكفلّ بشيء أنجزه وهو إخبار بغيب نفيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم وقد أنجز الله وعده بقتل بني قريظة وسبيهم وإجلاء بني النضير وضرب الجزية على اليهود والنصارى { وهو السميع } لأقوالهم

{ العليم } بأحوالهم يسمع جميع ما ينطقون به ، ويعلم جميع ما يضمرون من الحسد ، والغل وهو مجازيهم ، ومعاقبهم عليه .