مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (137)

{ فَإِنْ ءَامَنُواْ بِمِثْلِ مَا ءَامَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهتدوا } ظاهر الآية مشكل لأنه يوجب أن يكون لله تعالى مثل وتعالى عن ذلك . فقيل : الباء زائدة و«مثل » صفة مصدر محذوف تقديره فإن آمنوا إيماناً مثل إيمانكم والهاء يعود إلى الله عز وجل ، وزيادة الباء غير عزيز قال الله تعالى : { والذين كَسَبُواْ السيئات جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا } [ يونس : 27 ] والتقدير جزاء سيئة مثلها كقوله في الآية الأخرى : { وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا } [ الشورى : 40 ] وقيل : المثل زيادة أي فإن آمنوا بما آمنتم به يؤيده قراءة ابن مسعود رضي الله عنه بما آمنتم به . و«ما » بمعنى «الذي » بدليل قراءة أبي «بالذي آمنتم به » . وقيل : الباء للاستعانة كقولك «كتبت بالقلم » أي فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم التي آمنتم بها { وإن تَوَلَّوْا } عما تقولون لهم ولم ينصفوا أو إن تولوا عن الشهادة والدخول في الإيمان بها { فإنّما هم في شقاقٍ } أي فما هم إلا في خلاف وعداوة وليسوا من طلب الحق في شيء { فَسَيَكْفِيكَهُمُ الله } ضمان من الله لإظهار رسوله عليهم وقد أنجز وعده بقتل بعضهم وإجلاء بعضهم ، ومعنى السين أن ذلك كائن لا محالة وإن تأخر إلى حين . { وَهُوَ السميع } لما ينطقون به { العليم } بما يضمرون من الحسد والغل وهو معاقبهم عليه فهو وعيد لهم ، أو وعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي يسمع ما تدعو به ويعلم نيتك وما تريده من إظهار دين الحق وهو مستجيب لك وموصلك إلى مرادك .