بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (137)

ثم قال تعالى للمؤمنين { فَإِنْ آمَنُواْ } ، يعني اليهود والنصارى { بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ } ، يعني به يا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، { فَقَدِ اهتدوا } من الضلالة . { وَإِن تَوَلَّوْاْ } ، أي : أعرضوا عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبجميع الأنبياء عليهم السلام { فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } ، يقول إنهم في خلاف من الدين . ويقال : في ضلال . والشقاق في اللغة : له ثلاثة معان ، أحدها : العداوة مثل قوله تعالى : و { ويا قوم لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شقاقي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالح وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ } [ هود : 89 ] ، والثاني : الخلاف مثل قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فابعثوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إصلاحا يُوَفِّقِ الله بَيْنَهُمَا إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } [ النساء : 35 ] ، والثالث : الضلالة مثل قوله : { لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشيطان فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ والقاسية قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظالمين لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } [ الحج : 53 ] ،

{ فَسَيَكْفِيكَهُمُ الله } ، أي يدفع الله عنكم مؤنتهم . وقال الزجاج : هذا ضمان من الله تعالى النصر لنبيه ، أنه سيكفيه إياهم بإظهاره على كل دين سواه ، كقوله تعالى : { كَتَبَ الله لأغْلِبَنَّ أَنَاْ ورسلي إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [ المجادلة : 21 ] يعني أن عاقبة الأمر كانت لهم . قال مقاتل : يعني قتل بني قريظة وإجلاء بني النضير . { وَهُوَ السميع العليم } بقولهم للمؤمنين حيث قالوا : كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا ، { العليم } بعقوبتهم .