فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَإِنۡ ءَامَنُواْ بِمِثۡلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِۦ فَقَدِ ٱهۡتَدَواْۖ وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (137)

{ شقاق } عداوة ومخالفة ومحاربة

{ فسيكفيكهم } فسيكفيك ومن معك كيدهم .

{ فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا } عن ابن عباس قال أخبر الله سبحانه أن الإيمان هو العروة الوثقى وأنه لا يقبل عملا إلا به ولا تحرم الجنة إلا على من تركه . اه . { بمثل ما آمنتم } وقع التمثيل ما بين الإيمانين لا بين المؤمن به ومما أورد صاحب تفسير غرائب القرآن : ولما بين الطريق الواضح في الدين وهو أن يعترف الإنسان بنبوة كل من قامت الدلالة على نبوته من غير مناقضته ، رغبهم في مثل هذا الإيمان وههنا سؤال وهو أن دين الإسلام وهو الحق واحد فما معنى المثل في قوله { بمثل ما آمنتم به } ؟ والجواب أن قوله فإن آمنوا بكلمة الشك دليل على أن الأمر مبني على الفرض والتقدير أي فإن حصلوا دينا آخر مثل دينكم ومساويا له في الصحة والسداد فقد اهتدوا ولكن لا دين صحيحا سوى هذا لسلامته عن التناقض بخلاف غيره فلا اهتداء إلا بهذا ونظيره قولك للرجل الذي تشير عليه : هذا هو الرأي الصواب فإن كان عندك رأي أصوب منه فاعمل به وقد علمت أن لا أصوب من رأيك ولكنك تريد تبكيت صاحبك وتوفيقه على أن ما رأيت لا أرى وراءه . . . والتمثيل بين التصديق أي فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم . . . وفي الآية دليل على أن الهداية كانت موجودة قبل هذا الاهتداء وهي الدلائل التي نصبها الله تعالى وكشف عن وجودها . والاهتداء : قبولها والعمل بها ليفوزوا بالسعادة العظمى . ا ه . { وإن تولوا فإنما هم في شقاق } وإذا أعرض هؤلاء الذين يدعون إلى اليهودية والنصرانية وأدبروا عما نودوا إليه من الحق والرشد والدخول في الإسلام دين الله الذي ارتضاه ولم يرتض سواه إن كان منهم ذلك الصدود فلا تبتئسوا يا أهل الإيمان فإن أولئك الأعداء يخالفون ويعاندون والله يكتب ما يبيتون ويمكرون { فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } وربنا الذي يسمع سرهم ونجواهم ويعلم ما أعدوا من صد عن الإسلام وهم بأهله سيرد كيدهم في نحورهم وكفى به وليا وكفى به نصيرا ، يؤيد عباده على هؤلاء المبطلين وكان ذلك على الله يسيرا .