معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفَمَنۡ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَٰهِرٖ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

قوله تعالى : { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } ، أي : حافظها ، ورازقها ، وعالم بها ، ومجازيها بما عملت . وجوابه محذوف ، تقديره : كمن ليس بقائم بل عاجز عن نفسه . { وجعلوا لله شركاء قل سموهم } بينوا أسماءهم . وقيل : صفوهم ثم انظروا هل هي أهل لأن تعبد ؟ { أم تنبئونه } أي : تخبرون الله تعالى : { بما لا يعلم في الأرض } ، فإنه لم يعلم لنفسه شريكا ولا في الأرض إلها غيره ، { أم بظاهر } يعني : أم تتعلقون بظاهر ، { من القول } ، مسموع ، وهو في الحقيقة باطل لا أصل له . وقيل : بباطل من القول .

قال الشاعر : وعيرني الواشون أني أحبها *** وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

أي : زائل . { بل زين للذين كفروا مكرهم } ، كيدهم . وقال مجاهد : شركهم وكذبهم على الله . { وصدوا عن السبيل } ، أي : صرفوا عن الدين . قرأ أهل الكوفة ويعقوب { وصدوا } وفي حم المؤمن { وصد } بضم الصاد فيهما ، وقرأ الآخرون بالفتح لقوله تعالى : { إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله } [ الحج-25 ] ، وقوله { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ] [ النحل-88 وغيرها ] . { ومن يضلل الله } ، بخذلانه إياه { فما له من هاد* } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَمَنۡ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَٰهِرٖ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

19

والقضية الثانية هي قضية الشركاء . وقد أثيرت في الشطر الأول من السورة كذلك . وهي تثار هنا في سؤال تهكمي حين تقرن هذه الشركاء إلى الله القائم على كل نفس ، المجازي لها بما كسبت في الحياة . وتنتهي هذه الجولة بتصوير العذاب الذي ينتظر المفترين لهذه الفرية في الدنيا والعذاب الأشق في الآخرة . وفي مقابلة ما ينتظر المتقين من أمن وسلام !

( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ? وجعلوا لله شركاء . قل : سموهم . أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض ? أم بظاهر من القول ? بل زين للذين كفروا مكرهم ، وصدوا عن السبيل ، ومن يضلل الله فما له من هاد . لهم عذاب في الحياة الدنيا ، ولعذاب الآخرة أشق ، وما لهم من الله من واق ) . .

( مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها . تلك عقبى الذين اتقوا . وعقبى الكافرين النار ) . .

والله سبحانه رقيب على كل نفس ، مسيطر عليها في كل حال ، عالم بما كسبت في السر والجهر . ولكن التعبير القرآني المصور يشخص الرقابة والسيطرة والعلم في صورة حسية - على طريقة القرآن - صورة ترتعد لها الفرائص :

( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) . .

فلتتصور كل نفس أن عليها حارسا قائما عليها مشرفا مراقبا يحاسبها بما كسبت . ومن ? إنه الله ! فأية نفس لا ترتعد لهذه الصورة وهي في ذاتها حق ، إنما يجسمها التعبير للإدراك البشري الذي يتأثر بالحسيات أكثر مما يتأثر بالتجريديات .

أفذلك كذلك ? ثم يجعلون لله شركاء ? ! هنا يبدو تصرفهم مستنكرا مستغربا في ظل هذا المشهد الشاخص المرهوب .

( وجعلوا لله شركاء ) . .

الله القائم على كل نفس بما كسبت ، لا تفلت منه ولا تروغ .

( قل : سموهم ) ! فإنهم نكرات مجهولة . وقد تكون لهم أسماء . ولكن التعبير هنا ينزلهم منزلة النكرات التي لا تعرف أسماؤها .

( أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض ? ) . . يا للتهكم ! أم إنكم أنتم بشر تعلمون ما لا يعلمه الله ? فتعلمون أن هناك آلهة في الأرض ، وغاب هذا عن علم الله ? ! إنها دعوى لا يجرؤون على تصورها . ومع هذا فهم يقولونها بلسان الحال ، حين يقول الله أن ليست هناك آلهة ، فيدعون وجودها وقد نفاه الله !

( أم بظاهر من القول ? ) .

تدعون وجودها بكلام سطحي ليس وراءه مدلول . وهل قضية الألوهية من التفاهة والهزل بحيث يتناولها الناس بظاهر من القول ? !

وينتهي هذا التهكم بالتقرير الجاد الفاصل :

( بل زين للذين كفروا مكرهم ، وصدوا عن السبيل ، ومن يضلل الله فما له من هاد ) . .

فالمسألة إذن أن هؤلاء كفروا وستروا أدلة الإيمان عنهم وستروا نفوسهم عن دلائل الهدى ، فحقت عليهم سنة الله ، وصورت لهم نفوسهم أنهم على صواب ، وأن مكرهم وتدبيرهم ضد الدعوة حسن وجميل ، فصدهم هذا عن السبيل الواصل المستقيم . ومن تقتضي سنة الله ضلاله لأنه سار في طريق الضلال فلن يهديه أحد ، لأن سنة الله لا تتوقف إذا حقت بأسبابها على العباد .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَفَمَنۡ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَٰهِرٖ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

يقول تعالى : { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } أي : حفيظ عليم رقيب على كل نفس منفوسة ، يعلم ما يعمل العاملون من خير وشر ، ولا يخفى عليه خافية ، { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } [ يونس : 61 ] وقال تعالى : { وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا } [ الأنعام : 59 ] وقال { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ هود : 6 ] وقال { سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ } [ الرعد : 10 ] وقال { يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى } [ طه : 7 ] وقال { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [ الحديد[ 4 ] أفمن هو هكذا كالأصنام التي يعبدونها{[15661]} لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل ، ولا تملك نفعا لأنفسها ولا لعابديها ، ولا كشف ضر عنها ولا عن عابديها ؟ وحذف هذا الجواب اكتفاء بدلالة السياق عليه ، وهو قوله : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ } أي : عبدوها معه ، من أصنام وأنداد وأوثان .

{ قُلْ سَمُّوهُمْ } أي : أعلمونا بهم ، واكشفوا عنهم حتى يُعرَفوا ، فإنهم لا حقيقة لهم ؛ ولهذا قال : { أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأرْضِ } أي : لا وجود له ؛ لأنه لو كان له{[15662]} وجود في الأرض لعلمها ؛ لأنه لا تخفى عليه خافية .

{ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ } قال مجاهد : بظن من القول .

وقال الضحاك وقتادة : بباطل من القول .

أي إنما عبدتم هذه الأصنام بظن منكم أنها تنفع وتضر ، وسميتموها آلهة ، { إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى } [ النجم : 23 ] .

{ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ } قال مجاهد : قولهم ، أي : ما هم عليه من الضلال والدعوة إليه آناء الليل وأطراف النهار ، كما قال تعالى : { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ } [ فصلت : 25 ] .

" وصَدُّوا عن السَّبِيل " : من قرأها بفتح الصاد ، معناه : أنهم لما زين لهم ما فيه وأنه حق ، دَعَوا إليه وصَدّوا الناس عن اتباع طريق الرسل . ومن قرأها { وَصُدُّوا } {[15663]} أي : بما زين لهم من صحة ما هم عليه ، صدوا به عن سبيل الله ؛ ولهذا قال : { وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } كَمَا قَالَ { وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا } [ المائدة : 41 ] وقال { إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } [ النحل : 37 ] .


[15661]:- في ت ، أ : "عبدوها".
[15662]:- في ت ، أ : "لها".
[15663]:- في ت : "فصدوا عن السبيل".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَفَمَنۡ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَٰهِرٖ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

{ أفمن هو قائم على كل نفس } رقيب عليها { بما كسبت } من خير أو شر لا يخفى عليه شيء من أعمالهم ولا يفوت عنده شيء من جزائهم ، والخبر محذوف تقديره كمن ليس كذلك . { وجعلوا لله شركاء } استئناف أو عطف على { كسبت } إن جعلت " ما " مصدرية ، أو لم يوحدوه وجعلوا عليه ويكون فيه موضع الضمير للتنبيه على أنه المستحق للعبادة وقوله : { قل سمّوهم } تنبيه على أن هؤلاء الشركاء لا يستحقونها ، والمعنى صفوهم فانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة ويستأهلون الشركة . { أم تنبّؤنه } بل أتنبئونه . وقرئ " تنبئونه " بالتخفيف . { بما لا يعلم في الأرض } بشركاء يستحقون العبادة لا يعلمهم ، أو بصفات لهم يستحقونها لأجلها لا يعملها وهو العالم بكل شيء . { أم بظاهر من القول } أم تسمونهم شركاء بظاهر من القول من غير حقيقة واعتبار معنى كتسمية الزنجي كافورا وهذا احتجاج بليغ على أسلوب عجيب ينادي على نفسه بالإعجاز . { بل زُيّن للذين كفروا مكرهم } تمويههم فتخيلوا أباطيل ثم خالوها حقا ، أو كيدهم للإسلام بشركهم . { وصدّوا عن السبيل } سبيل الحق ، وقرأ ابن كثير . ونافع وأبو عمرو وابن عامر { وصدوا } بالفتح أي وصدوا الناس عن الإيمان ، وقرئ بالكسر " وَصَدُ " بالتنوين . { ومن يضلل الله } يخذله . { فما له من هادٍ } يوفقه للهدى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَفَمَنۡ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَٰهِرٖ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

هذه الآية راجعة بالمعنى إلى قوله : { وهم يكفرون بالرحمن ، قل هو ربي لا إله إلا هو } [ الرعد : 30 ] والمعنى : { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } أحق بالعبادة أم الجمادات التي لا تنفع ولا تضر ؟ - هذا تأويل - ويظهر أن القول مرتبط بقوله : { وجعلوا لله شركاء } كأن المعنى : أفمن له القدرة والوحدانية ويجعل له شريك أهل أن ينتقم ويعاقب أم لا{[6972]} ؟ .

و «الأنفس » من مخلوقاته وهو قائم على الكل أي محيط به لتقرب الموعظة من حس السامع . ثم خص من أحوال الأنفس حال كسبها ليتفكر الإنسان عند نظر الآية في أعماله وكسبه{[6973]} .

وقوله : { قل سموهم } أي سموا من له صفات يستحق بها الألوهية ثم أضرب القول وقرر : هل تعلمون الله { بما لا يعلم } ؟ .

وقرأ الحسن : «هل تنْبئونه » بإسكان النون وتخفيف الباء و { أم } هي بمعنى : بل ، وألف الاستفهام - هذا مذهب سيبويه - وهي كقولهم : إنها لإبل أم شاء .

ثم قررهم بعد ، هل يريدون تجويز ذلك بظاهر من الأمر ، لأن ظاهر الأمر له إلباس ما وموضع من الاحتمال ، وما لم يكن إلا بظاهر القول فقط فلا شبهة له .

وقرأ الجمهور «زُين » على بناء الفعل للمفعول «مكرُهم » بالرفع ، وقرأ مجاهد «زَين » على بنائه للفاعل «مكرَهم » بالنصب ، أي زين الله ، و { مكرهم } : لفظ يعم أقوالهم وأفعالهم التي كانت بسبيل مناقضة الشرع . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «وصُدوا » بضم الصاد ، وهذا على تعدي الفعل وقرأ الباقون هنا ، وفي «حم المؤمن »{[6974]} - بفتحها ، وذلك يحتمل أن يكون «صَدوا » أنفسهم أو «صدوا » غيرهم ، وقرأ يحيى بن وثاب : «وصِدوا » بكسر الصاد{[6975]} .


[6972]:[من] موصولة، وصلتها ما بعدها، والخبر محذوف تقديره ما وضحه ابن عطية على التأويلين اللذين ذكرهما، وحذف الخبر إذا فهم جائز، وقد ورد كثيرا، ومنه قوله تبارك وتعالى: {أقمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه}، والتقدير ها هنا: كالقاسي قلبه، وقد دل على القاسي قوله تعالى: {فويل للقاسية قلوبهم}، هذا وقد جعل حذف الخبر حسنا في هاتين الآيتين أن المبتدأ يكون في مقابله الخبر المحذوف.
[6973]:في بعض النسخ: "عند نظر الله إليه في أعماله وكسبه".
[6974]:في قوله تعالى في الآية (37) من سورة المؤمن (غافر): {وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل}.
[6975]:وهي كقراءة: {ردت إلينا} بكسر الراء من قوله تعالى في الآية (65) من سورة (يوسف): {قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا}، وفي اللوامح عن الكسائي وابن يعمر: (وصدوا) بالكسر لغة.