الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَفَمَنۡ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَٰهِرٖ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

ثم قال تعالى ذكره : { أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت }[ 33 ] ( من ) : رفع بالابتداء ، والخبر محذوف{[36429]} ، وبه يتم المعنى .

والتقدير : أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت كشركائهم ، والتقدير : أفمن هو حافظ{[36430]} على كل نفس لا يغفل ، ولا يهلك ( كمن يهلك ولا يحفظ{[36431]} ) ولا يحصى شيئا . ( فالجواب محذوف ){[36432]} لعلم المخاطب .

وقيل المراد به الملائكة الموكلون على بني آدم{[36433]} ، والقول الأول أشهر{[36434]} ، وأكثر .

ثم قال ( تعالى ) : { وجعلوا لله شركاء }[ 33 ] هذا يدل على المحذوف ، والمعنى : أفمن هو قائم كشركائهم . ودل { وجعلوا لله شركاء }[ 33 ] على المحذوف ثم قال : قل لهم يا محمد { سموهم } : أي يسموا هؤلاء الشركاء ، فإن قالوا : آلهة{[36435]} فقد كذبوا ، لأنه لا إله إلا هو الواحد ( القهار ){[36436]} ، لا شريك له{[36437]} .

{ أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض }[ 33 ] ( أم{[36438]} ) تخبرونه بأن في الأرض إلها ، ولا إله إلا هو في الأرض والسماء{[36439]} .

وقوله : { أم بظاهر من القول }[ 33 ] : أي : أم قلتم ذلك بظاهر قول ، وهو في الحقيقة باطل لا صحة له{[36440]} .

ثم قال ( تعالى ){[36441]} { بل زين للذين كفروا مكرهم }[ 33 ] المعنى ما لله شريك ، بل زين للذين كفروا مكرهم : أي : زين لهم عملهم ، وصدوا الناس عن الإيمان{[36442]} .

ومن قرأ بضم الصاد{[36443]} ، فمعناه : أن الله أعلمنا أن صدهم عن الهدى عقوبة لهم{[36444]} . ودل على ذلك قوله{[36445]} : { ومن يضلل الله فما له من هاد }[ 33 ] أي : من أضله الله عز وجل{[36446]} عن إصابة الحق ، فلا يقدر أحد على هدايته{[36447]} .


[36429]:انظر: هذا الإعراب في: إعراب النحاس 2/358.
[36430]:ط: مطموس.
[36431]:ساقط من ط.
[36432]:ساقط من ط.
[36433]:وهو قول ابن عباس في: جامع البيان 16/464.
[36434]:ق: شهر.
[36435]:ق: الله.
[36436]:ساقط من ق.
[36437]:انظر هذا التوجيه بتمامه في: جامع البيان 16/465.
[36438]:ساقط من ق.
[36439]:ق: ولا في السماء، وانظر: هذا التوجيه في: جامع البيان 16/465.
[36440]:وهو قول الطبري في: جامع البيان 16/466.
[36441]:ساقط من ق.
[36442]:انظر المصدر السابق.
[36443]:وهي قراءة عامة قراءة الكوفين: عصام، وحمزة والكسائي، وخلف، ويعقوب من البصريين، انظر: جامع البيان 16/467، والسبعة 359، والمبسوط 255، والحجة 373، والمبسوط 132، والنشر 2/298.
[36444]:ساقط من ق.
[36445]:ط: بعده.
[36446]:ساقط من ق.
[36447]:وهو تفسير الطبري في: جامع البيان 16/468.