ثم أورد على المشركين ما يجري مجرى الحجاج والتوبيخ والتعجب من عقولهم فقال :{ أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت } ومعنى القائم الحفيظ والرقيب أي الله العالم بكل المعلومات القادر على كل الممكنات كمن ليس كذلك . وجوز في الكشاف أن يقدر الخبر بحيث يمكن عطف وجعلوا عليه التقدير : أفمن هو بهذه الصفة لم يوحدوه وجعلوا له شركاء فيكون قوله : " لله " من وضع الظاهر مقام الضمير ، وذكر السيد صاحب حل العقد أنه يجوز أن يجعل الواو في قوله : { وجعلوا لله } للحال ويضمر للمبتدأ خبر يكون المبتدأ معه جملة مقررة لإنكار ما يقارنها من الحال والتقدير : أفمن هو قائم على كل نفس موجود والحال أنهم جعلوا له { شركاء } فأقيم الظاهر مقام المضمر كما قلنا تقريراً للإلهية وتصريحاً بها وإنه هو الذي يستحق العبادة وحده وهذا كما تقول معطي الناس ومغنيهم موجود ويحرم مثلي . ثم زاد في المحاجة فقال : { قل سموهم } أي جعلتم له شركاء فسموهم له من هم وأنبئوه بأسمائهم . وإنما يقال ذلك في الشيء المستحقر الذي لا يستحق أن يلتفت إليه فيقال : سمه إن شئت يعني أنه أخس من أن يسمى ويذكر ، ولكنك إن شئت أن تضع له اسماً فافعل . وقيل : المراد سموهم بالآلهة على سبيل التهديد .
قال في الشكاف : " أم " في قوله { أم تنبئونه } منقطعة كقولك للرجل قل لي من زيد أم هو أقل من أن يعرف . أقول : وذلك لأنه لا شيء محض إذ لو كان الشريك موجوداً وهو أرضيّ لتعلق به علم العالم بالذات المحيط بجميع السفليات ونحوه { قل أتنبئون الله بما لا يعلم } [ يونس : 18 ] وقد مر في أول " يونس " . ثم أكد هذا المعنى بقوله : { أم بظاهر من القول } أي بل أتسمونهم شركاء بظاهر من الكلام من غير أن يكون له حقيقة كقوله : { ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها } [ يوسف : 40 ] وهذا الاحتجاج من أعاجيب الأساليب التي اختص بها القرآن الكريم المعجز فللَّه در شأن التنزيل . ثم بين سوء طريقتهم فقال : { بل زين للذين كفروا مكرهم } قال الواحدي : معنى " بل " ههنا كما يقال دع ذكر الدليل فإنه لا فائدة فيه إنه كذا وكذا . والكلام في أن المزين هو الله تعالى أو غيره قد مر في أول سورة آل عمران ، وكذا البحث فيمن قرأ { وصدوا } بضم الصاد ، وأما من قرأ بالفتح فيحتمل أن يكون لازماً أي أعرضوا عنه ، ويحتمل أن يكون متعدياً أي صرفوا غيرهم ، والخلاف في قوله : { ومن يضلل الله } تقدم في مواضع منها آخر الأعراف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.