بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَفَمَنۡ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَٰهِرٖ مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّواْ عَنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٖ} (33)

قوله تعالى : { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ على كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } يقول : هو الله القائم على كل نفس ، برة وفاجرة ، بالرزق لهم ، والدفع عنهم ، وجوابه مضمر . يعني : كمن هو ليس بقائم على ذرة ، وهذا كقوله : { فَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } [ النحل : 17 ] ثم قال : { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء } يعني : قالوا ، ووصفوا لله شريكاً . وقال مقاتل : { وَجَعَلُواْ الله شُرَكَاء } يقول : أنا القائم على كل نفس بأرزاقهم ، وأطعمتهم ، كالذين يصفون أن لي شريكاً . معناه : لا تكون عبادة الله بعبادة غيره { قُلْ سَمُّوهُمْ } يعني : قل يا محمد سموا هؤلاء الشركاء . يعني : سموا دلائلهم ، وبراهينهم ، وحججهم . ويقال : سموا منفعتهم ، وقدرتهم .

ثم قال { أَمْ تُنَبّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى الارض } يعني : تخبرونه بما علم أنه لا يكون . ويقال : معناه أتشركون معه جاهلاً لا يعلم ما في الأرض . ويقال : معناه أتخبرون الله بشيء لا يعلم من آلهتكم . يعني : يعلم الله أنه ليس لها في الأرض قدرة { أَم بظاهر مّنَ القول } يعني : أتقولون قولاً بلا برهان ، ولا حجة . ويقال : بباطل من القول . يعني : إن قلتم إن لها قدرة لقلتم باطلاً . وقال قتادة الظاهر من القول الباطل ، وكذلك قال مجاهد .

ثم قال : { بَلْ زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ } يقول : ولكن زين للذين كفروا من أهل مكة كفرهم ، وقولهم الشرك { وَصُدُّواْ عَنِ السبيل } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمر ، { وَصُدُّواْ عَنِ السبيل } بنصب الصاد . يعني : إن الكافرين صدوا الناس عن السبيل . يعني : عن دين الله الإسلام . وقرأ الباقون : { وَصُدُّواْ } بضم الصاد على فعل ما لم يسم فاعله . مثل قوله : { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حسرات إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } [ فاطر : 8 ] .

ثم قال : { وَمَن يُضْلِلِ الله } يعني : من يخذل عن دينه الإسلام ، ولا يوفقه { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } يعني : ما له من مرشد إلى دينه غير الله تعالى .