قوله تعالى : { واخفض لهما جناح الذل } ، أي ألن جانبك لهما واخضع . قال عروة بن الزبير لن لهما حتى لا تمتنع عن شيء أحباه { من الرحمة } ، من الشفقة ، { وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً } ، أراد : إذا كانا مسلمين . قال ابن عباس : هذا منسوخ بقوله : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } { التوبة – 13 } .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن يزيد عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن - يعني السلمي - عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ إن شئت أو ضيع " .
أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي الزراد ، أنبأنا أبو بكر محمد بن إدريس الجرجاني ، أنبأنا أبو الحسن علي بن الحسين الماليني ، أنبأنا الحسن بن سفيان ، حدثنا يحيى بن حبيب بن عدي ، حدثنا خالد بن الحارس ، عن سعيد ، عن يعلي بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رضا الله في رضا الوالد ، وسخط الله في سخط الوالد " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنبأنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، حدثنا أبو جعفر محمد بن غالب بن تمام الضبي ، حدثنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة منان ، ولا عاق ، ولا مدمن خمر " .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنبأنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد بن بامويه الأصفهاني ، أنبأنا أبو سعيد أحمد بن زياد البصري ، أنبأنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا ربعي بن علية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي ، ورغم أنف رجل أتى عليه شهر رمضان فلم يغفر له ، ورغم أنف رجل أدرك أبويه الكبر فلم يدخلاه الجنة " .
{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ } أي : تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر لا لأجل الخوف منهما أو الرجاء لما لهما ، ونحو ذلك من المقاصد التي لا يؤجر عليها العبد .
{ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا } أي : ادع لهما بالرحمة أحياء وأمواتا ، جزاء على تربيتهما إياك صغيرا .
وفهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق ، وكذلك من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه تربية صالحة غير الأبوين فإن له على من رباه حق التربية .
{ واخفض لهما جناح الذّل } تذلل لهما وتواضع فيهما ، وجعل للذل جناحا كما جعل لبيد في قوله :
وغداة ريحٍ قد كشفت وقرة *** إذ أصبحت بيد الشمال زمامُها
للشمال يداً أو للقرة زماماً ، وأمره بخفضه مبالغة أو أراد جناحه كقوله تعالى : { واخفض جناحك للمؤمنين } . وإضافته إلى الذل للبيان والمبالغة كما أضيف حاتم إلى الجود ، والمعنى واخفض لهما جناحك الذليل . وقرئ " الذل " بالكسر وهو الانقياد والنعت منه ذلول . { من الرحمة } من فرط رحمتك عليهما لافتقارهما إلى من كان أفقر خلق الله تعالى إليهما بالأمس . { وقل ربّ ارحمهما } وادع الله تعالى أن يرحمهما برحمته الباقية ، ولا تكتف برحمتك الفانية وان كانا كافرين لان من الرحمة أن يديهما : { كما ربّياني صغيرا } رحمة مثل رحمتهما علي وتربيتهما وإرشادهما لي في صغري وفاء بوعدك للراحمين . روي : أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أبوي بلغا من الكبر أني ألي منهما ما وليا مني في الصغر فهل قضيتهما حقهما . قال : لا فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وأنت تفعل ذلك وتريد موتهما ) .
وقوله { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } استعارة أي اقطعهما جانب الذل منك ودمث{[7526]} لهما نفسك وخلقك ، وبولغ بذكر { الذل } هنا ولم يذكر في قوله { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين }{[7527]} وذلك بحسب عظم الحق هنا ، وقرأ الجمهور «الذُّل » بضم الذال ، وقرأ سعيد بن جبير وابن عباس وعروة بن الزبير «الذِل » بكسر الذال ، ورويت عن عاصم بن أبي النجود ، و «الذل » في الدواب ضد الصعوبة ومنه الجمل الذلول{[7528]} ، والمعنى يتقارب وينبغي بحكم هذه الآية أن يجعل الإنسان نفسه مع أبويه في خير ذلة في أقواله واستكانته ونظره ولا يحد إليهما بصره فإن تلك هي نظرة الغاضب والحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
«أبعده الله وأسحقه » قالوا من يا رسول الله ؟ قال : «من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يغفر له »{[7529]} وقوله { من الرحمة } ، { من } هنا لبيان الجنس أي إن هذا الخفض يكون من الرحمة المستكنة في النفس لا بأن يكون ذلك استعمالاً ، ويصح أن يكون لابتداء الغاية ، ثم أمر الله عبادة بالترحم على آبائهم وذكر منتهما عليه في التربية ليكون تذكر تلك الحالة مما يزيد الإنسان إشفاقاً لهما وحناناً عليهما ، وهذا كله في الأبوين المؤمنين ، وقد نهى القرآن عن الاستغفار للمشركين الأموات ولو كانوا أولي قربى ، وذكر عن ابن عباس هنا لفظ النسخ ، وليس هذا موضع نسخ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.