لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا} (24)

قوله عز وجل { واخفض لهما جناح الذل } أي ألن لهما جناحك واخفضه لهما حتى لا تمتنع عن شيء أحباه { من الرحمة } أي من الشفقة عليهما لكبرهما وافتقارهما اليوم إليك ، كما كنت في حال الصغر مفتقراً إليهما . الخامس : قوله سبحانه وتعالى { وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا } أي وادع الله لهما أن يرحمهما برحمته الباقية ، وأراد به إذا كانا مسلمين فأما إذا كانا كافرين فإن الدعاء منسوخ في حقهما بقوله سبحانه وتعالى { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى } وقيل : يجوز الدعاء لهما بأن يهديهما الله إلى الإسلام فإذا هداهما فقد رحمهما . وقيل في معنى هذه الآية : إن الله سبحانه وتعالى بالغ في الوصية بهما حيث افتتحها بالأمر بتوحيده وعبادته ، ثم شفعه بالإحسان إليهما ثم ضيق الأمر في مراعاتهما حتى لم يرخص في أدنى كلمة تسوؤهما وأن يذل ، ويخضع لهما ثم ختمها بالأمر بالدعاء لهما والترحم عليهما .

فصل

في ذكر الأحاديث التي وردت في بر الوالدين ، ( ق ) عن أبي هريرة قال : « جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي ؟ قال : أمك ثم أمك ثم أباك ثم أدناك فأدناك » ( م ) عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « رغم أنفه ، رغم أنفه قيل من يا رسول الله ؟ قال من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة » ( م ) عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه » ( ق ) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال « جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد : فقال : أحيّ والداك قال : نعم قال ففيهما فجاهد » وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « رضا الرب من رضا الوالدين وسخط الرب في سخط الوالدين » أخرجه الترمذي مرفوعاً وموقوفاً قال : هو أصح عن أبي الدرداء قال « فإن شئت فضيع ذلك الباب أو احفظه » . أخرجه الترمذي . وقال حديث صحيح ( م ) « عن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله تعالى قال الصلاة لوقتها قلت ، ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله تعالى » .