بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا} (24)

قوله : { واخفض لَهُمَا جَنَاحَ الذل مِنَ الرحمة } أي : كن ذليلاً رحيماً عليهما . وروى هشام عن عروة عن أبيه في قوله : { واخفض لَهُمَا جَنَاحَ الذل مِنَ الرحمة } قال : كن لهما ذليلاً ولا تمتنع من شيء أحباه . وقال عطاء : جناحك يعني : يداك لا ينبغي أن ترفع يدك على والديك ولا ينبغي لك أن تحد بصرك إليهما تغيظاً . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إِذَا دَعَاكَ أَبَوَاكَ وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَأَجِبْ أُمَّكَ وَلاَ تُجِبْ أَبَاكَ » . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لَوْ كَانَ جُرَيْجٌ الرَّاهِبِ فَقِيهاً لَعَلِمَ أَنَّ إِجَابَةَ أُمِّهِ أَفْضَلَ مِنْ صَلاتِهِ » . قال الفقيه أبو الليث رضي الله عنه لأن في ذلك الوقت كان الكلام الذي تحتاج إليه مباحاً في الصلاة . وكذلك في أول شريعتنا ثم نسخ الكلام في الصلاة فلا يجوز أن يجيبها إلا إذا علم أنه وقع لها أمر مهم فيجوز له أن يقطع ثم يستقبل . ثم قال تعالى : { وَقُل رَّبّ ارحمهما } أي : عند معالجتك إياهما في الكبر . ويقال : معناه : رب اجعل رحمتهما في قلبي حتى أربيهما في كبرهما { كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا } أي : كما عالجاني في صغري ، ويقال : معناه : ادع لهما بالرحمة بعد موتهما أي : كن باراً بهما في حياتهما وادع لهما بعد موتهما .