الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا} (24)

وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن عروة في قوله : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } قال : تلين لهما حتى لا يمتنعا من شيء أحباه .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } يقول اخضع لوالديك كما يخضع العبد للسيد الفظ الغليظ .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنهما في قوله : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } قال : لا ترفع يديك عليهما إذا كلمتهما .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عروة رضي الله عنه في قوله : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } قال : إن أغضباك ، فلا تنظر إليهما شزراً ، فإنه أوّل ما يعرف غضب المرء بشدة نظره إلى من غضب عليه .

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما برَّ أباه من حدّ إليه الطرف » .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن زهير بن محمد - رضي الله عنه - في قوله : { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } قال : إن سباك أو لعناك ، فقل رحمكما الله غفر الله لكما .

وأخرج ابن جرير ، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ { واخفض لهما جناح الذل } بكسر الذال .

وأخرج ، عن عاصم الجحدري رضي الله عنه مثله .

وأخرج البخاري في الأدب المفرد ، عن أبي مرة مولى عقيل : إن أبا هريرة - رضي الله عنه - كانت أمه في بيت وهو في آخر ، فكان يقف على بابها ويقول : السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته فتقول : وعليك يا بني ، فيقول : رحمك الله كما ربيتني صغيراً ، فتقول : رحمك الله كما بررتني كبيراً .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً } ثم أنزل الله بعد هذا { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى } [ التوبة : 113 ] .

وأخرج البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر من طرق ، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { وإما يبلغن عندك الكبر } إلى قوله : { كما ربياني صغيراً } قد نسختها الآية التي في براءة { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } [ التوبة : 113 ] الآية .

وأخرج ابن المنذر والنحاس وابن الأنباري في المصاحف ، عن قتادة رضي الله عنه قال : نسخ من هذه الآية حرف واحد ، لا ينبغي لأحد من المسلمين أن يستغفر لوالديه إذا كانوا مشركين ، ولم يقل { رب ارحمهما كما ربياني صغيراً } ولكن ليخفض لهما جناح الذل من الرحمة ، وليقل لهما قولاً معروفاً . قال الله تعالى : { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين } .