معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَٰخِصَةٌ أَبۡصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَٰوَيۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا بَلۡ كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (97)

قوله تعالى :{ واقترب الوعد الحق } يعني : القيامة ، قال الفراء وجماعة : الواو في قوله ( واقترب ) مقحمة فمعناه : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحق ، كما قال الله تعالى : { فلما أسلما وتله للجبين * وناديناه } أي : ناديناه ، والدليل عليه ما روي عن حذيفة قال : لو أن رجلاً اقتنى فلواً بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة . وقال قوم : لا يجوز طرح الواو ، وجعلوا جواب حتى إذا فتحت في قوله يا ويلنا ، فيكون مجاز الآية . حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج واقترب الوعد الحق ، قالوا : يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا . قوله : { فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا } وفي قوله هي ثلاثة أوجه : أحدها أنها كناية عن الإبصار . ثم أظهر الأبصار بياناً ، معناه فإذا الأبصار شاخصة أبصار الذين كفروا . والثاني : أن هي تكون عماداً كقوله : { فإنها لا تعمى الأبصار } والثالث : أن يكون تمام الكلام عند قوله هي على معنى فإذا هي بارزة يعني من قربها كأنها حاضرة ، ثم ابتدأ شاخصة أبصار الذين كفروا على تقديم الخبر على الابتداء ، مجازها أبصار الذين كفروا شاخصة . قال الكلبي : شخصت أبصار الكفار فلا تكاد تطرف من شدة ذلك اليوم وهوله ، يقولون { يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا } اليوم ، { بل كنا ظالمين } بوضعنا العبادة في غير موضعها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَٰخِصَةٌ أَبۡصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَٰوَيۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا بَلۡ كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (97)

{ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ } أي : يوم القيامة الذي وعد الله بإتيانه ، ووعده حق وصدق ، ففي ذلك اليوم ترى أبصار الكفار شاخصة ، من شدة الأفزاع والأهوال المزعجة ، والقلاقل المفظعة ، وما كانوا يعرفون من جناياتهم وذنوبهم ، وأنهم يدعون بالويل والثبور ، والندم والحسرة ، على ما فات ويقولون ل : { قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا } اليوم العظيم ، فلم نزل فيها مستغرقين ، وفي لهو الدنيا متمتعين ، حتى أتانا اليقين ، ووردنا القيامة ، فلو كان يموت أحد من الندم والحسرة ، لماتوا . { بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } اعترفوا بظلمهم ، وعدل الله فيهم ، فحينئذ يؤمر بهم إلى النار ، هم وما كانوا يعبدون ، ولهذا قال : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَٰخِصَةٌ أَبۡصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَٰوَيۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا بَلۡ كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (97)

وقوله : { وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ } يعني : يوم القيامة ، إذا وُجدت هذه الأهوال والزلازل والبلابل ، أزفت الساعة واقتربت ، فإذا كانت ووقعت قال الكافرون : { هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } [ القمر : 8 ] . ولهذا قال تعالى : { فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا } أي : من شدة ما يشاهدونه من الأمور العظام : { يَا وَيْلَنَا } أي : يقولون : { يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا } أي : في الدنيا ، { بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } ، يعترفون بظلمهم لأنفسهم ، حيث لا ينفعهم ذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَٰخِصَةٌ أَبۡصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَٰوَيۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا بَلۡ كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (97)

وقوله تعالى : { واقترب الوعد الحق } يريد يوم القيامة ، وروي في الحديث «أن الرجل ليتخذ الفلو بعد يأجوج ومأجوج فلا يبلغ منفعته حتى تقوم الساعة »{[8282]} ، وقوله تعالى : { هي } ، مذهب سيبويه أنها ضمير القصة كأنه قال فإذا القصة أو الحادثة { شاخصة أبصار } وجوز الفراء أن تكون ضمير الإبصار تقدمت لدلالة الكلام ويجيء ما يفسرها وأنشد على ذلك : [ الطويل ]

فلا وأبيها لا تقول حليلتي . . . ألا فرَّعني مالك بن أبي كعب{[8283]}

والشخوص بالعين إحداد النظر دون أن يطرف ، وذلك يعتري من الخوف المفرط أو علة أو نحوه ، وقوله : { يا ويلنا } تقديره يا ويلنا لقد كانت بنا غفلة عما وجدنا الآن وتبينا الآن من الحقائق ثم تركوا الكلام الأول ورجعوا إلى نقد ما كان يداخلهم من تعهد الكفر وقصد الإعراض فقالوا { بل كنا ظالمين } .


[8282]:أخرجه ابن جرير عن حذيفة رضي الله عنه، ولفظه كما في الدر المنثور: (قال: لو أن رجلا اقتنى فلوا بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة)، والفلو والفلو: الجحش أو المهر يفطم أو يبلغ السنة. والجمع أفلاء.
[8283]:البيت لمالك بن أبي كعب، وهو من شعر يقوله في حرب كانت بينه وبين رجل من بني ظفر. (انظر الأغاني)، والرواية في (معاني القرآن) للفراء: "لعمرو أبيها لا تقول ظعيني". وكذلك ذكره الطبري، والفراء في كتابه (معاني القرآن) يقول: "تكون (هي) عمادا يصلح في موضعها (هو) فتكون كقوله: {إنه أنا الله العزيز الحكيم}، ومثله قوله: {فإنها لا تعمى الأبصار}، فجاء التأنيث لأن الأبصار مؤنثة والتذكر للعماد، وسمعت بعض العرب يقول: كان مرة وهو ينفع الناس أحسابهم، فجعل (هو) عمادا، وإن شئت جعلت (هي) للأبصار، كنيت عنها ثم أظهرت الأبصار لتفسرها، كما قال الشاعر: "لعمر أبيها..." البيت؛ فذكر الظعينة، وقد كنى عنها في (لعمر أبيها).