السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَٰخِصَةٌ أَبۡصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَٰوَيۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا بَلۡ كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (97)

{ واقترب الوعد الحق } أي : يوم القيامة ؛ قال حذيفة : لو أنّ رجلاً اقتنى فلواً بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة { فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا } قال الكلبيّ : شخصت أبصار الكفار فلا تكاد تطرف من شدة ذلك اليوم .

تنبيه : فإذا هي إذا للمفاجأة وهي تقع في المجازاة سادّة مسدّ الفاء كقوله تعالى : { إذا هم يقنطون } [ الروم ، 36 ] ، فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء بالشرط ، فيتأكد ، ولو قيل : إذا هي شاخصة أو فهي شاخصة كان سديداً ، قال سيبويه : والضمير للقصة بمعنى فإذا القصة شاخصة يعني القصة أنّ أبصار الذين كفروا تشخص عند ذلك ، وقال الزمخشري : هي ضمير مبهم توضحه الأبصار ، وتفسره كما فسر الذين ظلموا وأسروا النجوى وقولهم : { يا ويلنا } أي : هلاكنا متعلق بمحذوف تقديره : يقولون يا ويلنا ، ويقولون في موضع الحال من الذين كفروا ويا للتنبيه { قد كنا } أي : في الدنيا { في غفلة من هذا } أي : اليوم حيث كذبنا وقلنا : إنه غير كائن ، ثم أضربوا عن الغفلة فقالوا : { بل كنا ظالمين } أنفسنا بعدم اعتقاده واضعين الشيء في غير موضعه حيث أعرضنا عن تأمّل دلائله ، والنظر في مخايله ، وكذبنا الرسل وعبدنا الأوثان .