معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَٰخِصَةٌ أَبۡصَٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَٰوَيۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا بَلۡ كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (97)

وقوله : { وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ97 } مَعْناهُ - والله أعلم - : حتى إذا فُتحت اقترب . ودخول الواو في الجواب في ( حَتّى إذا ) بمنزلة قوله { حَتَّي إذا جَاءوها وَفُتِحَتْ أَبوابُها } . وفي قراءة عبد الله ( فَلَما جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهم جَعَل السَّقَايَةَ ) وفي قراءتنا بغير واو . ومثله في الصافات { فَلَما أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبينِ وَنادَيْناهُ } معناه ناديناه ، وقال امرؤ القيس :

فلما أَجَزْنا سَاحَةَ الحيّ وانتحى *** بنا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي قِفَاف عَقْنَقِل

يريد انتحى .

وقوله : { فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } تكون ( هي ) عماداً يصلح في موضعها ( هو ) فتكون كقوله : { إنَّهُ أَنا اللهُ العَزِيزُ الحكِيمُ } ومثله قوله : { فَإنَّها لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ } فجاء التأنيث لأن الأبصار مؤنّثة والتذكير للعماد . وسمعت بعض العرب يقول : كان مرَّةً وهو ينفع الناسَ أَحْسَابهم فجعل ( هو ) عماداً . وأنشدني بعضهم :

بثوب ودينارٍ وشاة ودرهمٍ *** فَهَل هُوَ مرفوع بما هاهنا راسُ

وإن شئت جَعَلت ( هي ) للأبصار كنيت عنها ثم أظهرت الأبصار لتفسرها ؛ كما قال الشاعر :

لعمرُ أبيها لا تقول ظَعينتي *** ألاَ فَرّعني مالكُ بن أبى كعب

فذكر الظعينة وقد كَنَى عنهما في ( لَعمر ) .