معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ} (45)

قوله تعالى : { اتل ما أوحي إليك من الكتاب } يعني القرآن ، { وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } الفحشاء : ما قبح من الأعمال ، والمنكر : ما لا يعرف في الشرع . قال ابن مسعود ، وابن عباس : في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله ، فمن لم تأمره صلاته بالمعروف ، ولم تنهه عن المنكر ، لم يزدد بصلاته من الله إلا بعداً . وقال الحسن ، وقتادة : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فصلاته وبال عليه . وروي عن أنس قال : " كان فتىً من الأنصار يصلي الصلوات الخمس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يدع شيئاً من الفواحش إلا ركبه ، فوصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاله فقال : إن صلاته تنهاه يوماً ، فلم يلبث أن تاب وحسن حاله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألم أل كم إن لاته تنهاه يوما " ؟ وقال ابن عون : معنى الآية : إن الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ما دام فيها . وقيل : أراد بالصلاة القرآن ، كما قال تعالى : { ولا تجهر بصلاتك } أي : بقراءتك ، وقيل أراد أنه يقرأ القرآن في الصلاة ، فالقرآن ينهاه عن الفحشاء والمنكر .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنبأنا أبو القاسم البغوي ، أنبأنا علي بن الجعد ، أنبأنا قيس بن الربيع ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : " إن رجلاً يقرأ القرآن الليل كله فإذا أصبح سرق ، قال : ستنهاه قراءته " . وفي رواية قيل : " يا رسول الله إن فلاناً يصلي بالنهار ويسرق بالليل ، فقال : إن صلاته لتردعه " . قوله عز وجل : { ولذكر الله أكبر } أي : ذكر الله أفضل الطاعات .

أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري ، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ببغداد ، أنبأنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي ، أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، أنبأنا هارون بن معروف ، أنبأنا أبو علي الضرير ، أنبأنا أنس بن عياض ، حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عباس ، عن أبي مخرمة ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم ، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ، وخير لمن من أن تلقوا عدوكم ، فتضربوا أعناقهم ، ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا : بلى قال ذكر الله " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أنبأنا حميد بن زنجويه ، أنبأنا أبو الأسود ، أنبأنا ابن لهيعة عن دراج ، عن أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العباد أفضل درجةً عند الله يوم القيامة ؟ قال : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات قيل : يا رسول الله ومن الغازي في سبيل الله ؟ قال : لو ضرب بسيفه الكفار والمشركين حتى ينكسر و يختضب دماً ، لكان الذاكر لله كثيراً أفضل منه درجة " . وروينا " أن أعرابياً قال : يا رسول الله أي الأعمال أفضل ؟ قال : أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله " .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، أنبأنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أنبأنا مسلم بن الحجاج القشيري ، أنبأنا أمية بن بسطام العبسي ، أنبأنا يزيد بن زريع ، أنبأنا روح بن القاسم ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان ، فقال : جيروا ، هذا جمدان ، سبق المفردون ، قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات " .

أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أنبأنا خلاد بن أسلم ، حدثنا النضر ، أنبأنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت الأغر قال أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، ونزلت عليهم السكينة ، وذكرهم الله فيمن عنده " . وقال قوم معنى قوله : ( ولذكر الله أكبر ) أي : ذكر الله إياكم أفضل من ذكركم إياه . ويروى ذلك عن ابن عباس ، وهو قول مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ويروى ذلك مرفوعاً عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال عطاء في قوله : إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر ، قال : ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية . { والله يعلم ما تصنعون } قال عطاء : يريد لا يخفى عليه شيء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ} (45)

{ 45 } { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }

يأمر تعالى بتلاوة وحيه وتنزيله ، وهو هذا الكتاب العظيم ، ومعنى تلاوته اتباعه ، بامتثال ما يأمر به ، واجتناب ما ينهى عنه ، والاهتداء بهداه ، وتصديق أخباره ، وتدبر معانيه ، وتلاوة ألفاظه ، فصار تلاوة لفظه جزء المعنى وبعضه ، وإذا كان هذا معنى تلاوة الكتاب ، علم أن إقامة الدين كله ، داخلة في تلاوة الكتاب . فيكون قوله : { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ } من باب عطف الخاص على العام ، لفضل الصلاة وشرفها ، وآثارها الجميلة ، وهي { إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ }

والفحشاء : كل ما استعظم واستفحش من المعاصي التي تشتهيها النفوس .

والمنكر : كل معصية تنكرها العقول والفطر .

ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، أن العبد المقيم لها ، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها ، يستنير قلبه ، ويتطهر فؤاده ، ويزداد إيمانه ، وتقوى رغبته في الخير ، وتقل أو تعدم رغبته في الشر ، فبالضرورة ، مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه ، تنهى عن الفحشاء والمنكر ، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها . وثَمَّ في الصلاة مقصود أعظم من هذا وأكبر ، وهو ما اشتملت عليه من ذكر اللّه ، بالقلب واللسان والبدن . فإن اللّه تعالى ، إنما خلق الخلق{[625]}  لعبادته ، وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة ، وفيها من عبوديات الجوارح كلها ، ما ليس في غيرها ، ولهذا قال : { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ }

ويحتمل أنه لما أمر بالصلاة ومدحها ، أخبر أن ذكره تعالى خارج الصلاة أكبر من الصلاة ، كما هو قول جمهور المفسرين ، لكن الأول أولى ، لأن الصلاة أفضل من الذكر خارجها ، ولأنها -كما تقدم- بنفسها من أكبر الذكر .

{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } من خير وشر ، فيجازيكم على ذلك أكمل الجزاء وأوفاه .


[625]:- في ب: العباد.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ} (45)

ثم قال تعالى آمرا رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن ، وهو قراءته وإبلاغه للناس : { وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ } يعني : أن الصلاة تشتمل على شيئين : على ترك الفواحش والمنكرات ، أي : إن مواظبتها تحمل على ترك ذلك . وقد جاء في الحديث من رواية عمران ، وابن عباس مرفوعا : " مَنْ لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، لم تزده من الله إلا بعدا " {[22599]} .

[ ذكر الآثار الواردة في ذلك ]{[22600]} :

قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن هارون المخرمي الفلاس ، حدثنا عبد الرحمن بن نافع أبو زياد ، حدثنا عمر بن أبي عثمان ، حدثنا الحسن ، عن عمران بن حصين قال : سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله : { إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } قال : " مَنْ لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، فلا صلاة له " {[22601]} .

وحدثنا علي بن الحسين ، حدثنا يحيى بن أبي طلحة اليربوعي حدثنا أبو معاوية ، عن ليث ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنْ لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، لم يزدد بها من الله إلا بعدا " . ورواه الطبراني من حديث أبي معاوية{[22602]} .

وقال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا خالد بن عبد الله ، عن العلاء بن المسيب ، عمن ذكره ، عن ابن عباس في قوله : { إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } قال : فَمَنْ لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر ، لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدا . فهذا موقوف{[22603]} .

قال ابن جرير : وحدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا علي بن هاشم بن{[22604]} البريد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا صلاة لِمَنْ لم يطع الصلاة ، وطاعة الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر " . قال : وقال سفيان : { قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ } [ هود : 87 ] قال : فقال سفيان : أي والله ، تأمره وتنهاه . {[22605]}

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشَجّ ، حدثنا أبو خالد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقال أبو خالد مَرَّة : عن عبد الله - : " لا صلاة لِمَنْ لم يطع الصلاة ، وطاعة الصلاة تنهاه{[22606]} عن الفحشاء والمنكر " {[22607]} .

والموقوف أصح ، كما رواه الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : قيل لعبد الله : إن فلانا يطيل الصلاة ؟ قال : إن الصلاة لا تنفع إلا من أطاعها{[22608]} .

وقال ابن جرير : قال علي : حدثنا إسماعيل بن مسلم{[22609]} ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر ، لم يزدد بها من الله إلا بُعْدا " {[22610]} .

والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن وقتادة ، والأعمش وغيرهم ، والله أعلم .

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا جرير - يعني ابن عبد الحميد - عن الأعمش ، عن أبي صالح قال : أراه عن جابر - شك الأعمش - قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن فلانا يصلي فإذا أصبح سرق ، قال : " سينهاه{[22611]} ما يقول " {[22612]} .

وحدثنا محمد بن موسى الحَرشي{[22613]} حدثنا زياد بن عبد الله ، عن الأعمش عن أبي صالح ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه - ولم يشك{[22614]} - ثم قال : وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن الأعمش واختلفوا في إسناده ، فرواه غير واحد عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أو غيره ، وقال قيس عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، وقال جرير وزياد : عن عبد الله ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن جابر .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، حدثنا الأعمش قال : أنبأنا أبو صالح{[22615]} عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن فلانا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق ؟ فقال : " إنه سينهاه ما يقول{[22616]}-{[22617]} " .

وتشتمل الصلاة أيضا على ذكر الله تعالى ، وهو المطلوب الأكبر ؛ ولهذا قال تعالى : { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ } أي : أعظم من الأول ، { وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } أي : يعلم جميع أقوالكم وأعمالكم .

وقال أبو العالية في قوله : { إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } ، قال : إن الصلاة فيها ثلاث خصال{[22618]} فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخلال فليست بصلاة : الإخلاص ، والخشية ، وذكر الله . فالإخلاص يأمره بالمعروف ، والخشية تنهاه عن المنكر ، وذكر القرآن يأمره وينهاه .

وقال ابن عَوْن الأنصاري : إذا كنت في صلاة فأنت في معروف ، وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر ، والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر .

وقال حماد بن أبي سليمان : { إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } يعني : ما دمت فيها .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ } ، يقول : ولذكر الله لعباده أكبر ، إذا ذكروه من ذكرهم إياه .

وكذا روى غير واحد عن ابن عباس . وبه قال مجاهد ، وغيره .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن داود بن أبي هند ، عن رجل ، عن ابن عباس : { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ } قال : ذكر الله عند طعامك وعند منامك . قلت : فإن صاحبًا لي في المنزل يقول غير الذي تقول : قال : وأي شيء يقول ؟ قلت : قال : يقول الله : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } [ البقرة : 152 ] ، فلذكر الله إيانا أكبر من ذكرنا إياه . قال : صدق .

قال : وحدثنا أبي ، حدثنا النفيلي ، حدثنا إسماعيل ، عن خالد ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس في قوله : { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ } قال : لها وجهان ، قال : ذكر الله عندما حرمه ، قال : وذكر الله إياكم أعظم من ذكركم إياه .

وقال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدَّثنا هُشَيْم ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن ربيعة قال : قال لي ابن عباس : هل تدري ما قوله تعالى : { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ } ؟ قال : قلت : نعم . قال : فما هو ؟ قلت : التسبيح والتحميد والتكبير في الصلاة ، وقراءة القرآن ، ونحو ذلك . قال : لقد قلت قولا عجبًا ، وما هو كذلك ، ولكنه إنما يقول : ذكر الله إياكم عندما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتموه ، أكبر من ذكركم إياه{[22619]}

. وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس . وروي أيضا عن ابن مسعود ، وأبي الدرداء ، وسلمان الفارسي ، وغيرهم . واختاره ابن جرير .


[22599]:- أما حديث عمران بن حصين ، فقد أخرجه ابن أبي حاتم - كما سيأتي - من طريق عمر بن أبي عثمان عن الحسن عن عمران به ، والحسن لم يسمع من عمران بن حصين. وأما حديث ابن عباس ، فقد رواه الطبراني في المعجم الكبير (11/54) من طريق ليث عن طاوس عن ابن عباس به.
[22600]:- زيادة من ف ، أ.
[22601]:- وهذا الحديث فيه علتان ذكرهما الشيخ ناصر الدين الألباني في الضعيفة وهما : 1 - الانقطاع بين الحسن - وهو البصري - وعمران بن حصين ، فإنهم اختلفوا في سماعه منه فإنه ثبت ، فعلته عنعنته الحسن فإنه مدلس معروف بذلك.2 - جهالة عمر بن أبي عثمان ، ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/1/123) وقال : "سمع طاوسا قوله ، روى عنه يحيى بن سعيد".
[22602]:- المعجم الكبير (11/54) وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء : "إسناده لين".
[22603]:- تفسير الطبري (20/99).
[22604]:- في ف : "عن".
[22605]:- تفسير الطبري (20/99) وفيه جويبر وهو متروك.
[22606]:- في ف : "تنهى".
[22607]:- ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/465) مرفوعا ، وقال : "أخرج عبد بن حميد وابن جرير ، وابن مردويه بسند ضعيف" فذكر الرواية التي قبلها.
[22608]:- ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (13/298) من طريق زائدة عن عاصم عن شقيق عن ابن مسعود قال : "لا تنفع الصلاة إلا من أطاعها ثم قرأ عبد الله: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر...) الآية".
[22609]:- في هـ ، ت ، ف ، أ : "وقال ابن جرير : حدثنا علي بن إسماعيل بن مسلم" والمثبت من الطبري.
[22610]:- تفسير الطبري (20/99) وهو من مراسيل الحسن.
[22611]:- في ف : "ستنهاه".
[22612]:- مسند البزار برقم (721) "كشف الأستار" وقال الهيثمي في المجمع (2/258) "رجاله ثقات".
[22613]:- في ف ، أ : "الجرشي".
[22614]:- مسند البزار برقم (722) "كشف الأستار".
[22615]:- في هـ ، ت ، ف : "أبو صالح أخبرنا" والمثبت من المسند.
[22616]:- في ف : "ستنهاه ما تقول"
[22617]:- المسند (2/447) ورواه البزار في مسنده برقم (720) "كشف الأستار". من طريق الأعمش به ، وقال الهيثمي في المجمع (2/258) "رجاله رجال الصحيح".
[22618]:- في أ : "خلال".
[22619]:- تفسير الطبري (20/99).