{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ } أي تقربا إلى الله تعالى بقراءته ، وتحفظا لألفاظه ، واستكثارا لما في تضاعيفه من المعاني . فإن القارئ المتأمل قد ينكشف له بالتكرار ما لم ينكشف له أول ما قرع سمعه . وتذكيرا للناس ، وحملا لهم على العمل بما فيه ، من الحكم ومحاسن الآداب ومكارم الأخلاق { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ } أي تكون سببا للانتهاء عن ذلك . ففيه تجوز في الإسناد . فإن قلت : كم من مصل يرتكب ولا تنهاه صلاته ! قلت : الصلاة هي الصلاة عند الله ، المستحق بها الثواب ، أن يدخل فيها مقدما للتوبة النصوح متقيا ، لقوله تعالى : { إنما يتقبل من المتقين } ويصليها خاشعا بالقلب والجوارح . ثم يحوطها بعد أن يصليها ، فلا يحبطها ، فهي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ( من لم تأمره صلاته بالمعروف ، وتنهه عن المنكر ، لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدا ) .
عن الحسن رحمه الله : ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، فليست صلاته بصلاة ، وهي وبال عليه ) . أفاده الزمخشري : وقوله تعالى : { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } قال الزمخشري : أي : وللصلاة أكبر من غيرها من الطاعات ، وسماها بذكر الله ، كما قال {[6047]} { فاسعوا إلى ذكر الله } وإنما قال : { ولذكر الله } ليستقل بالتعليل . كأنه قال : وللصلاة أكبر ، لأنها ذكر الله . أو : ولذكر الله عند الفحشاء والمنكر ، وذكر نهيه عنهما ، ( ولذكر الله إياكم برحمته ، أكبر من ذكركم إياه بطاعته ) . انتهى . ف ( ذكر ) على الأولين مصدر مضاف للمفعول . وعلى ما بعدهما مضاف للفاعل ، والمفعول محذوف . والمفضل عليه في الأولين غيره من الطاعات . وفي الأخير قوله ( من ذكركم ) .
وقال الرازي : لما ذكر تعالى أمرين ، وهما تلاوة الكتاب وإقامة الصلاة ، بين ما يوجب أن يكون الإتيان بهما على أبلغ وجوه التعظيم ، فقال : { ولذكر الله أكبر } وأنتم إذا ذكرتم آباءكم بما فيهم من الصفات الحسنة ، تنبشون لذلك وتذكرونهم بملء أفواهكم وقلوبكم . لكن ذكر الله أكبر ، فينبغي أن يكون على أبلغ وجه التعظيم . وفي قوله { ولذكر الله أكبر } مع حذف بيان ما هو أكبر منه ، لطيفة . وهي أن الله لم يقل : أكبر من ذكر فلان ، لأن ما نسب إلى غيره بالكبر فله إليه نسبة . إذ لا يقال الجبل أكبر من خردلة وإنما يقال : هذا الجبل أكبر من هذا الجبل . فأسقط المنسوب كأنه قال ( ولذكر الله له الكبر لا لغيره ) وهذا كما يقال في الصلاة ( الله أكبر ) أي له الكبر لا لغيره . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.