الآية 45 وقوله تعالى : { اتل ما أوحي أليك من الكتاب وأقم الصلاة } جائز أن يكون قوله : { اتل ما أوحي إليك من الكتاب } وأقم به الصلاة أي بالكتاب الذي أوحي إليك .
ويحتمل : { اتل ما أوحي إليك من الكتاب } عليهم ، وأقم بهم الصلاة . فالخطاب ، وإن كان لرسول الله فهو لكل أحد على ما ذكرنا في سائر المخاطبات ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } هذا يخرج على وجهين :
فأما وجه الامتنان فهو( {[15796]} ) أن جعل لكم الصلاة لتمنعكم( {[15797]} ) عن الفحشاء والمنكر ما لو [ لم ]( {[15798]} ) يجعلها لكم لا شيء يمنعكم [ عن الفحشاء والمنكر في من [ منّ ]( {[15799]} ) عليهم بجعل الصلاة لهم لما يمنعهم ] ( {[15800]} ) عما ذكر .
وأما وجه الإلزام فإنه يخرّج على وجهين :
أحدهما : أن الصلاة لو كان مفهوما( {[15801]} ) منها [ النهي بالنطق ] ( {[15802]} ) لكانت تنهى عن الفحشاء والمنكر على ما أضاف التغرير والتزيين إلى الحياة الدنيا ، أي لو كان هذا الذي كان من الدنيا ، كان من له التغرير ، كان ذلك تغريرا . فعلى ذلك الصلاة لو كان منها حقيقة الأمر والنهي لكانت تنهى عن الفحشاء والمنكر .
والثاني : أضيف النهي إلى الصلاة لما بها يعرف ذلك ؛ فقد تضاف الأشياء إلى الأسباب ، وإن لم يكن منها حقيقة ما أضيف إليها ، نحو ما يضاف الأمر والنهي إلى الكتاب والسنة ؛ ونحوه : يقال : أمرنا الكتاب بكذا ، أو السنة بكذا ، ونهانا عن كذا ، وإن لم يكن منهما( {[15803]} ) أمر حقيقة ، ولا نهي ، لما بهما يعرف الأمر والنهي ، وهما سببا ذلك . فعلى ذلك جائز إضافة النهي إلى الصلاة أن يكون على السبيل .
وقوله تعالى : { ولذكر الله أكبر } اختلف فيه : قال بعضهم : ذكر الله أكبر في العبادات من أنفس تلك العبادات ؛ ووجه هذا ، والله أعلم ، أن العبادات إنما تكون بجوارح ، تغلب ، وتقهر ، وتستعمل ، فلا تعرف تلك أنها لله إلا بتأويل .
أما ذكر الله إنما يكون باللسان والقلب ، وهما لا يغلبان ، ولا يقهران ، فهو يعرف أن ذلك لله حقيقة ، فهو أكبر .
وقال بعضهم : { وليذكر الله أكبر } من سائر الأذكار التي ليست لله . فهذا ليس فيه كبير حكمة لأن ذلك يعرفه كل أحد . وقال بعضهم : { ولذكر الله أكبر } في النهي عن الفحشاء والمنكر من الصلاة . وقال بعضهم : { ولذكر الله } إياكم أكبر من ذكركم إياه لأن ذكره إياكم رحمة ومغفرة ، وذلك مما لا يعدله ، ولا يوازيه شيء . وأما العبد فإنه يذكر ربه بأدنى [ شيء ] ( {[15804]} ) .
وقال بعضهم : { ولذكر الله أكبر } أي ما وفق الله العبد من ذكره إياه وطاعته له أكبر من نفس ذلك الذكر ونفس تلك العبادة .
وذكر في حرف ابن مسعود وأبيّ وحفصة رضي الله عنهم أن الصلاة تأمر بالمعروف ، وتنهى عن الفحشاء والمنكر .
وعن الحسن يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا ولم يزدد بها عند الله إلا مقتا ) [ الطبراني في الكبير 11025 ] .
وعن سلمان الفارسي [ أنه ] ( {[15805]} ) قال : ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه .
وعن ابن عباس ، رضي الله عنه [ أنه ]( {[15806]} ) قال : لهذا وجهان :
أحدهما : يقول : ذكر الله أكبر مما سواه من أعمال البر . والآخر يقول : ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه [ الطبري في تفسيره : 20/158 ] .
والضحاك يقول : العبد يذكر الله عندما أحل له ، وحرم عليه ، فيأخذ بما أحل ، ويجتنب ما حرم عليه .
وقتادة يقول : لا شيء أكبر من ذكر الله .
وأصله : ما ذكرنا من الوجوه التي تقدم ذكرها .
وقوله : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } [ يحتمل وجهين :
أحدهما : ما ]( {[15807]} ) قال بعضهم : تنهى ، وتمنع ، ما دام [ المصلي فيها ] ( {[15808]} ) لا يعمل بالفحشاء والمنكر .
والثاني : أن الصلاة تأمر بالمعروف ، وتنهى عن الفحشاء والمنكر ، أي لو كان لها النطق والأمر بالنهي لكانت تنهى عما ذكر . والوجه فيه ما ذكرنا بدءا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { والله أعلم /407-أا تصنعون } وعيد ليكونوا أبدا على حذر ويقظة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.