معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (64)

قوله تعالى : { لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } ، اختلفوا في هذه البشرى : روي عن عبادة بن الصامت قال : " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : { لهم البشرى في الحياة الدنيا } ، قال : هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد ابن إسماعيل ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب ، عن الزهري ، حدثني سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لم يبق من النبوة إلا المبشرات ، قالوا : وما المبشرات ؟ قال : الرؤيا الصالحة " . وقيل : البشري في الدنيا هي : الثناء الحسن وفى الآخرة : الجنة .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا عبد الرزاق بن أبي شريج ، أنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، أنا شعبة عن أبي عمران الجوني قال : سمعت عبد الله بن الصامت قال : " قال أبو ذر : يا رسول الله الرجل يعمل لنفسه ويحبه الناس ؟ قال : تلك عاجل بشرى المؤمن " .

وأخرج مسلم بن الحجاج هذا الحديث عن يحيى بن يحيى عن حماد بن زيد عن أبي عمران ، وقال : ويحمده الناس عليه . وقال الزهري وقتادة : هي نزول الملائكة بالبشارة من الله تعالى عند الموت ، قال الله تعالى : { تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون } [ فصلت-30 ] . وقال عطاء عن ابن عباس : البشرى في الدنيا ، يريد : عند الموت تأتيهم الملائكة بالبشارة ، وفى الآخرة عند خروج نفس المؤمن ، يعرج بها إلى الله ، ويبشر برضوان الله . وقال الحسن : هي ما بشر الله المؤمنين في كتابه من جنته وكريم ثوابه ، كقوله : { وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات } [ البقرة- 25 ] ، { وبشر المؤمنين } [ الأحزاب-47 ] { وأبشروا بالجنة } [ فصلت-30 ] . وقيل : بشرهم في الدنيا بالكتاب والرسول أنهم أولياء الله ، ويبشرهم في القبور وفى كتب أعمالهم بالجنة . { لا تبديل لكلمات الله } ، لا تغيير لقوله ، ولا خلف لوعده . { ذلك هو الفوز العظيم * }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (64)

فكل من كان مؤمنًا تقيًا كان لله [ تعالى ] وليًا ، و { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ْ }

أما البشارة في الدنيا ، فهي : الثناء الحسن ، والمودة في قلوب المؤمنين ، والرؤيا الصالحة ، وما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق ، وصرفه عن مساوئ الأخلاق .

وأما في الآخرة ، فأولها البشارة عند قبض أرواحهم ، كما قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ْ }

وفي القبر ما يبشر به من رضا الله تعالى والنعيم المقيم .

وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم ، والنجاة من العذاب الأليم .

{ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ْ } بل ما وعد الله فهو حق ، لا يمكن تغييره ولا تبديله ، لأنه الصادق في قيله ، الذي لا يقدر أحد أن يخالفه فيما قدره وقضاه .

{ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ْ } لأنه اشتمل على النجاة من كل محذور ، والظفر بكل مطلوب محبوب ، وحصر الفوز فيه ، لأنه لا فوز لغير أهل الإيمان والتقوى .

والحاصل أن البشرى شاملة لكل خير وثواب ، رتبه الله في الدنيا والآخرة ، على الإيمان والتقوى ، ولهذا أطلق ذلك ، فلم يقيده .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (64)

26

وعلام يحزنون ومم يخافون ، والبشرى لهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ? إنه الوعد الحق الذي لا يتبدل - لا تبديل لكلمات الله - :

( ذلك هو الفوز العظيم ) . .

إن أولياء الله الذين يتحدث عنهم السياق هم المؤمنون حق الإيمان المتقون حق التقوى . والإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل . والعمل هو تنفيذ ما أمر الله به واجتناب ما نهى الله عنه . . هكذا يجب أن نفهم معنى الولاية لله . لا كما يفهمه العوام ، من أنهم المهبولون المخبولون الذين يدعونهم بالأولياء !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (64)

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا سفيان ، عن الأعمش ، عن ذَكْوَان أبي صالح ، عن رجل ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } قال : " الرؤيا الصالحة يراها المسلم ، أو تُرى له " . {[14304]} وقال ابن جرير : حدثني أبو السائب ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن عطاء بن يسار ، عن رجل من أهل مصر ، عن أبي الدرداء في قوله : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } قال : سأل رجل أبا الدرداء{[14305]} عن هذه الآية ، فقال : لقد سألت عن شيء ما سمعتُ [ أحدًا ]{[14306]} سأل عنه بعد رجل سأل عنه رسولَ الله ، فقال : " هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم ، أو تُرَى له ، بشراه في الحياة الدنيا ، وبشراه في الآخرة [ الجنة ] . {[14307]} ثم رواه ابن جرير من حديث سفيان ، عن ابن المنْكَدِر ، عن عَطَاء بن يَسَار ، عن رجل من أهل مصر ، أنه سأل أبا الدرداء عن هذه الآية ، فذكر نحو ما تقدم{[14308]} .

وقال ابن جرير : حدثني المثنى : حدثنا الحجاج بن مِنْهَال ، حدثنا حماد بن زيد ، عن عاصم بن بَهْدَلَة ، عن أبي صالح قال : سمعت أبا الدرداء ، وسئل عن : { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى } فذكر نحوه سواء . {[14309]} وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا أبان ، حدثنا يحيى ، عن أبي سلمة ، عن عبادة بن الصامت ؛ أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت قول الله تعالى : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } ؟ فقال : " لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي - أو : أحد قبلك " قال : " تلك الرؤيا الصالحة ، يراها الرجل الصالح أو تُرَى له " .

وكذا رواه أبو داود الطيالسي ، عن عمران القَطَّان ، عن يحيى بن أبي كثير ، به{[14310]} ورواه الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، فذكره . ورواه علي بن المبارك ، عن يحيى ، عن أبي سلمة قال : نُبّئنا عن عبادة بن الصامت ، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ، فذكره .

وقال ابن جرير : حدثني أبو حميد الحِمْصيّ ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا عمر بن عمرو بن عبد الأحْمُوسي ، عن حميد بن عبد الله المزني قال : أتى رجل عبادة بن الصامت فقال : آية في كتاب الله أسألك عنها ، قول الله تعالى : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } ؟ فقال عبادة : ما سألني عنها أحد قبلك ، سألت عنها نبي الله فقال مثل ذلك : " ما سألني عنها أحد قبلك ، الرؤيا الصالحة ، يراها العبد المؤمن في المنام أو تُرَى له " {[14311]} . ثم رواه من حديث موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد بن صَفْوان ، عن عبادة بن الصامت ؛ أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } فقد عرفنا بشرى الآخرة الجنة ، فما بشرى الدنيا ؟ قال : " الرؤيا الصالحة يراها العبد أو تُرَى له ، وهي جزء من أربعة وأربعين جزءا أو سبعين جزءا من النبوة " {[14312]} . وقال [ الإمام ]{[14313]} أحمد أيضا : حدثنا بَهْز ، حدثنا حماد ، حدثنا أبو عمران ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر ؛ أنه قال : يا رسول الله ، الرجل يعمل العمل فيحمده{[14314]} الناس عليه ، ويثنون عليه به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تلك عاجل بشرى المؤمن " . رواه مسلم{[14315]} .

وقال أحمد أيضا : حدثنا حسن - يعني الأشيب - حدثنا ابن لَهِيعة ، حدثنا دَرَّاج ، عن عبد الرحمن بن جُبَيْر ، عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } قال : " الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن ، هي جزء من تسعة وأربعين جزءا من النبوة ، فمن رأى [ ذلك ]{[14316]} فليخبر بها ، ومن رأى سوى ذلك فإنما هو من الشيطان ليَحْزُنه ، فلينفث{[14317]} عن يساره ثلاثا ، وليكبر{[14318]} ولا يخبر بها أحدا " {[14319]} لم يخرجوه .

وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أنبأنا ابن وَهْب ، حدثني عمرو بن الحارث ، أن دَرَّاجا أبا السمح حدثه عن عبد الرحمن بن جُبَيْر ، عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } الرؤيا الصالحة يبشَّرها المؤمن ، جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة " {[14320]} . وقال أيضا ابن جرير : حدثني محمد بن أبي حاتم المؤدَّب ، حدثنا عمار بن محمد ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } قال : " هي

في الدنيا الرؤيا الصالحة ، يراها العبد أو تُرَى له ، وهي في الآخرة الجنة " . {[14321]}

ثم رواه عن أبي كُرَيْب ، عن أبي بكر بن عَيَّاش ، عن أبي حصين ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أنه قال : الرؤيا الحسنة بشرى من الله ، وهي من المبشّرات . {[14322]} هكذا رواه من هذه الطريق موقوفا .

وقال أيضا : حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا أبو بكر ، حدثنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الرؤيا الحسنة هي البشرى ، يراها المسلم أو تُرَى له " {[14323]} . وقال ابن جرير : حدثني أحمد بن حماد الدُّولابي ، حدثنا سفيان ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، عن أبيه ، عن سِبَاع بن ثابت ، عن أم كُرْز الكعبية : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ذهبت النبوة ، وبقيت المبشرات " . {[14324]}

وهكذا روي عن ابن مسعود ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، ومجاهد ، وعُرْوَة بن الزبير ، ويحيى بن أبي كثير ، وإبراهيم النَّخَعي ، وعطاء بن أبي رباح : أنهم فسروا ذلك بالرؤيا الصالحة .

وقيل : المراد بذلك{[14325]} بشرى الملائكة للمؤمن عند احتضاره بالجنة والمغفرة كما في قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نزلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ } [ فصلت : 30 - 32 ] .

وفي حديث البراء : " أن المؤمن إذا حضره الموت ، جاءه ملائكة بيض الوجوه ، بيض الثياب ، فقالوا : اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان ، ورب غير غضبان . فتخرج من فمه ، كما تسيل القطرة من فم السقاء " .

وأما بشراهم في الآخرة ، فكما قال تعالى : { لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } [ الأنبياء : 103 ] . وقال تعالى : { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [ الحديد : 12 ]{[14326]} . وقوله : { لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ } أي : هذا الوعد لا يبدل ولا يخلف ولا يغير ، بل هو مقرر مثبت كائن لا محالة : { ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } {[14327]}


[14304]:- المسند (6/445).
[14305]:- في أ : "سأل رجل من أهل مصر أبا الدرداء".
[14306]:- زيادة من ت ، أ ، والطبري.
[14307]:- زيادة من ت ، أ ، والطبري.
[14308]:- تفسير الطبري (15/128) ورواه الترمذي في السنن برقم (3106) من طريق سفيان عن محمد بن المنكدر به نحوه.
[14309]:- تفسير الطبري (15/136) ورواه الترمذي في السنن برقم (3106) من طريق أحمد بن عبدة عن حماد بن زيد به.
[14310]:- مسند الإمام أحمد (5/315) وهو في مسند الطيالسي برقم (583) عن حرب بن شداد ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة قال : نبئت أن عبادة بن الصامت فذكره ، وهو منقطع قال ابن حجر : "رجاله ثقات إلا أنه معلول ، فإن أبا سلمة لم يسمع من عبادة".
[14311]:- تفسير الطبري (15/129).
[14312]:- تفسير الطبري (15/132).
[14313]:- زيادة من أ.
[14314]:- في ت ، أ : "ويحمده".
[14315]:- المسند (5/156) وصحيح مسلم برقم (2642).
[14316]:- زيادة من أ ، والمسند ، وفي ت : "تلك".
[14317]:- في ت : "فليتفت".
[14318]:- في ت ، أ : "وليسكت".
[14319]:- المسند (2/219) وابن لهيعة ودراج ضعيفان.
[14320]:- تفسير الطبري (15/139).
[14321]:- تفسير الطبري (15/131).
[14322]:- تفسير الطبري (15/130).
[14323]:- تفسير الطبري (15/130).
[14324]:- تفسير الطبري (15/133) ورواه ابن ماجه في السنن برقم (3896) من طريق هارون الحمال عن سفيان به ، وقال البوصيري في الزوائد (3/212) : "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات" وأبو زيد لم يوثقه سوى ابن حبان ، ولم يرو عنه سوى ابنه.
[14325]:- في ت ، أ : "المراد من ذلك".
[14326]:- في ت : "وذلك الفوز العظيم".
[14327]:- في ت : "وذلك" وهو خطأ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (64)

{ لهم البشرى في الحياة الدنيا } هو ما بشر به المتقين في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وما يريهم من الرؤيا الصالحة وما يسنح لهم من المكاشفات ، وبشرى الملائكة عند النزع . { وفي الآخرة } بتلقي الملائكة إياهم مسلمين مبشرين بالفوز والكرامة بيان لتوليه لهم ، ومحل { الذين آمنوا } النصب أو الرفع على المدح أو على وصف الأولياء أو على الابتداء وخبره { لهم البشرى } . { لا تبديل لكلمات الله } أي لا تغيير لأقواله ولا إخلاف لمواعيده . { ذلك } إشارة إلى كونهم مبشرين في الدارين . { هو الفوز العظيم } هذه الجملة والتي قبلها اعتراض لتحقيق المبشر به وتعظيم شأنه ، وليس من شرطه أن يقع بعده كلام يتصل بما قبله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (64)

إشارة الآية إلى تولي الله إياهم بالكرامة بقوله : { لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } . وتعريف { البشرى } تعريف الجنس فهو صادق ببشارات كثيرة .

و { في الحياة الدنيا وفي الآخرة } حال من { البشرى } . والمعنى : أنهم يبشرون بخيرات قبل حصولها : في الدنيا بما يتكرر من البشارات الواردة في كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وفي الآخرة بما يتلقونه من الملائكة وما يسمعونه من أمر الله بهم إلى النعيم المقيم ، كقوله : { وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات } [ البقرة : 25 ] .

وروى الترمذي عن أبي الدرداء أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : { لهم البشرى في الحياة الدنيا } فقال : " ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت فهي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أوْ ترى له " قال الترمذي : وليس فيه عطاء بن يسار أي ليس في الحديث أن أبا صالح يرويه عن عطاء بن يسار كما هو المعروف في رواية أبي صالح إلى أبي الدرداء ، وعليه فالحديث منقطع غير متصل السند . وقد رواه الترمذي بسندين آخرين فيهما عطاء بن يسار عن رجل من أهل مِصر عن أبي الدرداء وذلك سند فيه مجهول ، فحالة إسناد هذا الخبر مضطربة لظهور أن عطاء لم يسمعه من أبي الدرداء .

ومحمل هذا الخبر أن الرؤيا الصالحة من جملة البشرى في الحياة الدنيا لأنها تؤذن صاحبها بخير مستقبل يحصل في الدنيا أحرى الآخرة ، أو كأن السائل سأل عن بشرى الحياة فأما بشرى الآخرة فكانت معروفة بقوله : { يبشرهم ربهم برحمة منه } [ التوبة : 21 ] الآية ونحوها من الآيات .

وفي « الموطأ » عن هشام بن عروة عن أبيه كان يقول في هذه الآية { لهم البُشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } قال : هي الرؤيا الصالحة يَراها الرجل أوْ تُرى له . ومن البشرى الوعد بأن لهم عاقبة النصر على الأعداء ، وتمكينُهم من السلطان في الدنيا ، وأن لهم النعيم الخالد في الآخرة .

ومقابلة الحَزَن بالبشرى من محسنات الطباق .

وجملة : { لا تبديل لكلمات الله } مبينة لمعنى تأكيد الوعد الذي تضمنه قوله : { لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } ، تذكيراً لهم بأن ما وعدهم الله به من البشائر مثل النصر وحسن العاقبة أمر ثابت لا يتخلف لأنه من كلمات الله ، وقد نفي التبديل بصيغة التبرئة الدالة على انتفاء جنس التبديل .

والتبديل : التغيير والإبطال ، لأن إبطال الشيء يستلزم إيجاد نقيضه .

و { كلمات الله } الأقوال التي أوحى بها إلى الرسول في الوعد المشار إليه ، ويؤخذ من عموم { كلمات الله } وعموم نفي التبديل أن كل ما هو تبديل منفي من أصله .

رُوي أن الحجاج خطب فذكر عبد الله بن الزبير فقال : إنه قد بَدَّل كتاب الله . وكان ابن عمر حاضراً فقال له ابن عمر : لا تطيق ذلك أنت ولا ابنُ الزبير : { لا تبديل لكلمات الله } .

وجملة { ذلك هو الفَوْز العظيم } مؤكدة لجملة { لهم البشرى } ومقررة لمضمونها فلذلك فُصلت .

والإشارة بذلك إلى المذكور من مضمون الجمل الثلاث المتقدمة ، واختيار اسم الإشارة لأنه أجمع لما ذُكر ، وفيه كمال تمييز له لزيادة تقرير معناه . وذكرُ ضمير الفصل بعد اسم الإشارة لزيادة التأكيد ولإفادة القصر ، أي هو الفوز العظيم لا غيرُه مما يتقلب فيه المشركون في الحياة الدنيا من رزق ومنَعَة وقوة ، لأن ذلك لا يعد فوزاً إذا عاقبته المذلة والإهانة في الدنيا وبعدَه العذاب الخالد في الآخرة ، كما أشار إليه قوله تعالى : { لا يغرَّنَّك تقلُّب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد } [ آل عمران : 196 ، 197 ] .