بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (64)

{ لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا } يعني : البشارة ، وهي الرُّؤيا الصَّالحة يراها العبد المسلم لنفسه ، أو يرى له غيره . وروي عن عبد الله بن عُمَر عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الرُّؤيا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ من سَبْعِينَ جُزْءاً مِنَ النّبوَّةِ » . وفي خبر آخر : « مِنْ أرْبَعِينَ جُزْءا من النبوة » وفي خبر آخر : « مِنْ سِتَّةٍ وَأرْبَعِينَ جُزْءاً » . وروى عَطَاء بن يَسَارٍ ، عن رجل كان يفتي بالبصرة ، قال : سألت أبا الدَّرداء عن هذه الآية : { لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا } ، قال أبو الدَّرداء : ما سألني عنها أحد منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أحَدٌ قَبْلَكَ ، هِيَ الرُّؤيا الصَّالِحَة يَرَاهَا المُسْلِمُ ، أَوْ تُرَى لَهُ » { وَفِي الآخرة } : الجنَّةُ . وعن عبادة بن الصامت ، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فأجابه بمثل ذلك . ويقال : { لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا } يعني : عند الموتَ يُبَشِّره الملائكة ، كما قال في آية أُخرى : { تُنَزَّلَ *** عَلَيْكُمْ *** الملئكة أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بالجنة التى كُنتُمْ تُوعَدُونَ } . { وفي الآخرة } يُبَشِّرُهُ الملائكة حين يخرج من القبر .

{ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله } : لا تغيير ، ولا تحويل لقول الله تعالى ، لأنَّ قوله حقٌّ بأنّ { لهم البشرى في الحياة الدنيا } . ويقال : { لا تبديل لكلمات الله } ، يعني : لا خلف لمواعيده التي وعد في القرآن . { ذلك هُوَ الفوز العظيم } يعني : الثَّواب الوافر . ويقال : النجاة الوافرة .