تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (64)

وقوله تعالى : ( لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) وقال بعضهم : ( لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الرؤيا الصالحة . وعلى ذلك رويت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية ، ففسرها[ في الأصل وم : ففسر ] بالرؤية الصالحة فإن ثبت فهو الحق . وقال[ الواو ساقطة من الأصل وم ] بعضهم : لا تحتمل الرؤيا الصالحة لأنه نسق البشرى في الآخرة على البشرى في الحياة الدنيا ، ولا شك أنه لا يكون في الآخرة الرؤيا الصالحة . ولكن إن ثبت ما ذكرنا في الخبر فهو ذلك .

ويشبه أن تكون البشارة التي ذكر ههنا نحو قوله ( لهم البشرى فبشر عبادي ) ( الذي يستمعون القول )الآية[ الزمر : 17و18 ] . وقوله : ( الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم )[ يونس : 2 ] وقوله : ( ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات )[ الشورى : 23 ] وأمثال ذلك .

وقال بعض أهل التأويل : ( لهم البشرى في الحياة الدنيا ) يبشرهم الملائكة عند الموت ، ( وفي الآخرة ) الجنة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ) يحتمل ( لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ) من وعده ووعيده . وذلك مما لا تبديل ، ولا تحويل . ويحتمل ( لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ) القرآن ؛ لا تبديل لما فيه من الوعد و الوعيد وغيره . ويحتمل : لا تبديل لما مضى من سننه في الأولين والآخرين من الهلاك والاستئصال بتكذيبهم الرسل والآيات كقوله : ( فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا )[ فاطر : 43 ] وقوله : ( فقد مضت سنة الأولين )[ الأنفال : 38 ] .

ويحتمل قوله : ( لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ) أي لا تبديل لبشرى الذين ذكر هؤلاء الذين تقدم ذكرهم . ويحتمل لا تبديل لحجج الله وبراهينه ، أو لا تبديل لوعد الله ووعيده ونحوه[ من م ، في الأصل : ونحو ] ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) أي ( ذلك ) البشرى ، هو الفوز العظيم ، أو ( ذلك ) الدين ( لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ( هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) إذ لا خوف بعده . وقال بعضهم من أهل التأويل : لا خوف عليهم من النار ، ولا هم يحزنون أن يخرجوا من الجنة أبدا . [ وهذا ][ ساقطة من الأصل وم ] الوجه فيه ما ذكرنا ، والله أعلم .